أشعلها عاصي الحلاني نارًا وجمرًا، وأحرق المدن والبحر والخيل والأسد ونفسه. "أشتكي لله" جديد عاصي، أغنية الوجع الملتهب والقلب المحروق.
الحب القاتل
قاسية صور هذه الأغنية، فألسنة النار تلسع وتطال كل شيء وتحوله رمادًا. الشواهق تترمّد، وكل جمال يزول، وكل قويّ يسقط، وكل حب يحترق.
شيء من الفناء يحوم في الأجواء، ينتهي معه كل حب وكل أمل.
للوهلة الأولى، تتصدر المناظر المحترقة للمدن والبلاد، فتظن أنها أغنية حرب، فإذا بالحرب هي الحب.
حب قاتل، مدمّر، مشتعل.
مبالغة الصور توجع القلب. تفتح جهنم، ولا تذكّرك أن الجنة على الناصية الأخرى.
أبعد من الخيال
الذكاء الاصطناعي يُبالغ ويُصوّر ما لا يُصوَّر. يستطيع أن يبتكر ما هو أبعد من الخيال، ويجسّد ما لا يتجسد، ويُصبح في العين حقيقة لتقول ما لا يُقال.
لكن هذا الدفق من الخراب في كليب "أشتكي لله" مضنٍ، مُحبط، ومنفّر.
الذكاء الاصطناعي لا يعرف أن أفضل نبات يخرج من الرماد. لم يُعطِ فرصة لإخماد كل هذه النيران. تفنّن في الحريق، وتركنا نهرب بخوفنا.
باختصار، عاصي الحلاني في كليب "أشتكي لله" فتحها جهنمًا في عزّ الصيف. ونحن ننتظر رحمة الله، ونؤمن أنه على كل شيء قدير.
هذا هو الحلاني الذي نعرفه
صوت الحلاني الغائر بالعاطفة، المليء بالإحساس. الصوت القوي الحنون، الذي يفتح أبواب الأمل في عزّ الإحباط.
صوت مخملي يسقط في الروح كحجر ويثبت هناك.
قادر هذا الصوت على ابتكار صور بعيدة، رقيقة، مسالمة، ومرفوعة بألف ضمة وقبلة.
صوت الندى في عزّ اليقظة، وصوت الدفء في وسط البرد.
صوت عاصي، مُهرّب الجمال وسط البشاعة، صوت الفن الكبير وسط السقوط، يُعيدنا أدراجًا إلى متعة السمع وتصوير الحب على أنه ملجأ، ولو كان إحباطًا.
قادر صوته أن يُحوّل الشكوى إلى عزاء، ورفع المعنويات، وبلسمة الجرح، وطيّ الدمعة.
صوت الحلاني ناشرٌ للحب، صوت يُعيدنا إلى التفاؤل والالتفاف ببطانية الله والرجاء.
وهذا الكليب غير لائق، ولا يتوافق مع خامة الحلاني التي تُشرق بشموس الأمل.
هذا الكليب لم يترك مجالًا للاستمتاع بتلك الخامة التي تتماوج في بحر الغناء نغمًا ورقصًا وإحساسًا.
أحرق كل شيء وتركها يبابًا ويباسًا.
لو بقيت الأغنية من دون هذه الصور، لرفعنا صوت الحلاني إلى صور أجمل وأماكن خضراء، فصوته بحيرات وواحات.
"أشتكي لله" من كلمات الشاعر خالد ڤيرناس، ألحان ياسر نور، توزيع ومكس هاني ربيع، ماسترينغ ماهر صلاح.
الفيديو كليب تحت إدارة المخرج عبد الفتاح إسماعيل.