TRENDING
ماجدة الرومي… فصل جديد من سوء الفهم الجماعي

ماجدة الرومي… فصل جديد من سوء الفهم الجماعي

لم تغادر ماجدة الرومي وطنها يومًا إلا وحملته معها. لبنان هو صوتها الذي غنّته على مسارح العالم، لتؤكّد أن هذا الوطن الصغير شعاع أمل وحب، بفنه وفنانيه، الذين يوزّعون معاني الحياة والصمود.


وفي مهرجان "موازين"، حيث كُرّمت من قبل السفارة اللبنانية في الرباط، قبّلت العلم المغربي وانحنت بتواضع وهي تحمله، مقدّمة شكرها لجمهور استقبلها بحفاوة وهتف باسمها. لكنها، كما في كل محفل، لم تنسَ لبنان.

ماجدة، حيثما حلّت، تترك أثرًا طيبًا. تُصفّق الكفوف لصوتها وشخصها ومكانتها الراقية.

قامت الدنيا ولم تقعد لأن ماجدة حيّت الشعب المغربي، وأثنت على روحه، وخضرته، وجماله، وقالت إنها خرجت من لبنان محمّلة بالهمّ والقلق والصواريخ تعبر فوق رؤوسنا، لكنها هدأت وشعرت بالدفء عندما حطّت في المغرب.

لم يرق للبعض أن تتألم ماجدة في وطنها، ولا أن تعبّر عن راحتها وسكينتها في المغرب. لم يتقبلوا أن تعلن حبها له، وكأنّ التعبير عن الامتنان بات جرمًا!

أولئك "القضاة" المفعمون بالوطنية المعلّبة، إن لم يقرأوا في كتاب ماجدة الرومي، فحُكمهم سيظل ناقصًا وهزيلاً. هي التي لم تغادر وطنها في عزّ الحرب، بل بقيت صامدة كأرزة، تغني له وتزنه بالنغم. إنها المطربة التي تفوّقت في غنائها للوطن، مطربة الحرية والتمرد والكرامة.

ماجدة هي مطربة النخبة، لأنها ركزت في أغنياتها على القضايا الجوهرية، وعبّرت عن هموم لبنان وأوجاعه، بل وهموم المظلومين في العالم.

من ينتقدها عليه أن يتعلّم قبل أن يتطاول. عليه أن يقرأ في كتاب هذه السيدة التي نشرت النور حين خيّم الظلام، صاحبة المجد والوطنية.

ماجدة غنّت للبنان عشرات الأغاني التي حملت الصمود والعزة، مثل: "عم احلمك يا حلم يا لبنان"، "الحرية"، "قوم تحدى"، "غضبك نار"، "لبنانكم لبناننا"، "راجع يتعمر لبنان"، "بيروت ست الدنيا"، "ألا انهض وسر"، "شعبك واقف بالريح"، "لبنان قلبي"، "رفرف واسعدنا"، "نبع المحبة"، "شعوب من العشاق"، "نشيد الشهداء"، "سلونا"، "العالم لنا"، "جاي من بيروت"، و"يا بهية"، و"نجمة السلام"...

ماجدة ليست لنفسها، وفنّها ليس حكرًا عليها. هي لنا جميعًا، لوطنها ولمحبيها. هي كتاب لجيل وأجيال. سجلّ ممهور بالفن الراقي، تخوض معارك الثبات والحق، وحين كان كل شيء يهتز، بقيت متجذّرة، باهرة، تغني وتحلم وتمد حلمها إلى أرواحنا، فنصمد ونحلم معها.

ماجدة التي لا تجيد سوى الغناء، والصلاة، وحب الوطن، لن يهزها افتراء هنا أو نقد هناك. فهي متسلّحة بمحبة جمهورها، وثقتها بنفسها، ويقينها أن ما تقوله – إن أسيء فهمه أو حرّف – لا ينتقص من مكانتها شيئًا.

هي التي كتبت تاريخ الفن اللبناني، وكانت من صنّاعه، وستبقى رغم العواصف العابرة… ويبقى صوت الماجدة، صوتًا لا يشيخ.