فيما تشيّع مصر اليوم جثمان الفنان الكبير لطفي لبيب، تعود إلى الواجهة قصة مثيرة في مسيرته الفنية، أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الفنية والجماهيرية، وتحديدًا تلك المرتبطة بمشاركته في فيلم "السفارة في العمارة".
تحذيرات مسبقة من فنانين كبار
عندما عُرض على لطفي لبيب أداء دور "السفير الإسرائيلي" في فيلم "السفارة في العمارة" إلى جانب عادل إمام، تلقّى تحذيرات واضحة من عدد من الفنانين أبرزهم محمد هنيدي وصلاح السعدني. التحذيرات تمحورت حول مخاوف من ردود فعل الجمهور المصري والعربي، لما يحمله الدور من حساسية سياسية.
قرار بالمغامرة.. بدافع فني
رغم تلك التحذيرات، قرّر لبيب خوض التجربة. المخرج سعيد حامد لعب دورًا محوريًا في إقناعه، مؤكدًا أن الدور سيشكل نقلة نوعية في مسيرته. وبالفعل، نال لبيب شهرة واسعة بعد عرض الفيلم، وارتفع أجره بشكل ملحوظ، ليصبح أحد أبرز الممثلين في تلك الفترة.
عرض إسرائيلي للتكريم.. ورد وطني حاسم
المفاجأة جاءت بعد عرض الفيلم، حين تلقّى لطفي لبيب اتصالًا من السفارة الإسرائيلية في القاهرة، تعرض من خلاله تكريمه على أدائه. إلا أن الفنان رفض بشكل قاطع، مؤكدًا أنه لا يمكن أن يقبل تكريمًا من جهة كان يقاتل ضدها في حرب أكتوبر 1973.
قال لبيب حينها:
"أنا حاربت في 73.. مش ممكن أمد إيدي لإسرائيل بأي شكل."
موقف أخلاقي متجذر
موقف لطفي لبيب لم يكن مجرد موقف فني، بل نابع من قناعات وطنية وأخلاقية راسخة. فبالنسبة له، التمثيل لا يبرر أي شكل من أشكال التطبيع، خصوصًا في ظل الاعتداءات المستمرة على الفلسطينيين، ومعاناة المدنيين في غزة.
إرث فني وإنساني
برحيل لطفي لبيب، تخسر الساحة الفنية أحد رموزها الذين جمعوا بين الجرأة في الأداء، والصلابة في الموقف. وتبقى قصته مع "السفير الإسرائيلي" شاهدًا على فنان لم يساوم على مبادئه، رغم ما حققه من نجاح.