ظاهرة اقتباس الأعمال الفنية ليست جديدة. قبل سنوات، راجت موضة تحويل الأفلام العالمية إلى مسلسلات عربية، وبلغت ذروتها مع تشيللو (2015) الذي جمع نادين نجيم وتيم حسن ويوسف الخال، ثم خفت وهجها.
بعدها انطلقت موجة أخرى: تعريب الدراما التركية، لتتحول قصص إسطنبول إلى بيروت، وصولاً إلى المسلسلات العربية نفسها التي باتت تُستنسخ في نسخ تركية، كما حدث مع المدينة البعيدة المأخوذ عن الهيبة.
الظاهرة لم تختفِ، بل تعيش ككائن في موت سريري: بلا ابتكار حقيقي، لكنها ترفض إعلان وفاتها.
"محروقة" الأحداث.. فلماذا نشاهد؟
يعرف المشاهد القصة مسبقاً، ومع ذلك يتابع.
السر يكمن في: الفضول: كيف سيُعرّب المشهد الأجنبي إلى بيئة عربية؟
النجوم: الجمهور يريد أن يرى ممثله المفضل وهو يعيد إحياء الدور.
اللعبة: المتعة تتحول إلى مقارنة: من أقنع أكثر؟ من خان النص؟
استنساخ بلا مخاطرة
المنتجون لا يبحثون عن إبداع بل عن ضمانة: قصة مجرّبة أثبتت نجاحها. جمهور مضمون ينتظر النسخة العربية. كلفة أقل من ابتكار نص جديد.
لماذا لا تموت هذه الظاهرة؟
رغم الهجوم النقدي، الاستنساخ مستمر، فالقنوات تريد "المضمون" لا المغامرة. والجمهور متساهل. فالمشاهد العربي يستهلك أكثر مما يطالب بالتجديد، فيفتح الباب لإعادة التدوير.
دراما على أجهزة الإنعاش
إعادة الإنتاج ليست سوى دراما على أجهزة الإنعاش: جسد بلا روح، قصة بلا حياة، نجوم يجرّون نصاً ميتاً إلى الشاشة. ومع ذلك، تبقى حاضرة في المواسم الدرامية، تُعاد وتُكرر كأننا ندور في حلقة لا نهاية لها. وربما قريباً نشاهد نسخة عربية عن مسلسل عربي مقتبس من فيلم أجنبي.. ولن يستغرب أحد.