الأغنية الأخرس "حرب".. مستفزة هابطة تحتاج رقابة تكبلها
بوجهٍ مغبر وقامةٍ متجهمة كمقاتلي حروب الجاهلية، ينفخ الأخرس نفسه كبلطجي يحمل سلاحًا أبيض: سيفًا وخنجرًا وسكاكين، وحتى سلاحًا حربيًا. يدخل معركته مع الحب على وقع الحرب، وحوله صبايا يبدون كأنهن قادمات من سوق النخاسة بعبوسهن وملابسهن التي تبدو عصرية لكنها محفوفة بالقهر والتردي.
الصورة الموحلة للفن
شاكس الأخرس العقول بعنوان هذه السيرة الغنائية التي أطلقها تحت اسم "حرب". في عالم الفن، يمتلك الفنان حرية التعبير والاختيار في تقديم رؤيته، لكن هذه الحرية لا تعني غياب المسؤولية أو الوعي بالرسائل التي يوجهها إلى الجمهور.
المغني الأردني «الأخرس» في أغنيته الأخيرة "حرب"، يظهر بصورة متوحلة مثيرة للجدل، يحمل الخنجر والسيف ويتقمص دور مقاتل الجاهلية، وكأنه يتحدى الزمن والمجتمع بمشهدية دمجت العنف بالتمرد بطريقة شبه متفجرة.
رؤية تسوّق للعنف والرعونة
هذه الرؤية التي تستعرض العنف كسلاح وحالة دائمة للصراع، لا تخلو من تناقضات ومخاطر. فهي تطرح سؤالًا مهمًا: ما مدى تأثير هذا التمرد "الموحل" في تعميق حالة الاقتتال، وهو يغني للحب بدل أن تكون الأغنية دعوةً للسلام؟ حب قاتل، مدمر، دموي. هذا ليس حبًا، بل جريمة تحت غطاء الادعاء بالحب.
الأخرس يظن أنه يقدم دور "القبضاي"، لكن في حضوره ومنظره، وحوله مجموعة من "الأشاوس" مثل الممثل سعيد سرحان وصانع المحتوى محمد صباغ، لا يقدمون إلا أدوار الأزعر المتجهم المتهجم.
الرخص في أدنى درك
لا شيء في هذا العمل يوحي بالحب، بل هو إعلان حرب حتى في كلمات الأغنية التي أرادها أغنية عاطفية، لكنها لم تكن سوى سفاهة:
> والله لأشعل حرب إبادة يا حفّار احفر قبري
روح اللّي ليقربله قلادة لألبسها وأسكن قصري
أنا طبعي طبع ذيابة والله ما غير طبعي
تركتني الحلوة وحبت اللّي يسفّط كراسي
وحبت ثور وحبت شلب حبت واحد ما ينحب
وأنا وجعني قليبي
حبت شايب حبت شب
الكلمات التي يلقيها الأخرس لا تعدو أن تكون هراءً رخيصًا وبذيئًا، تجسيدًا للتنمر اللامسؤول والتفاهة الفكرية في أبشع صورها.
كلمات مستهترة تهدم كل معاني الاحترام والإنسانية، وكأنها تهتف بصوت عالٍ لتأتي على كل ما هو نبيل ومقدس في العلاقات الإنسانية.
هذا الكلام السمج، الذي يشبه رثاءً منحطًا، لا يعبّر عن ألم أو مشاعر حقيقية، بل هو مجرد محاولة بائسة لإظهار نفسه كمتنمر بائس يغلف فشله في قالب من التهكم القذر والاحتقار.
خطاب محطّم لا يبني
الأغنية تأتي بخطاب محطّم لا يبني ولا يحل، بل يزرع بذور الكراهية والخذلان، ويغذي ثقافة الهدم النفسي والتحقير. هذه الكلمات الرديئة تفضح حالة نفسية مريضة وتعكس ذهنية لا تعرف سوى الغطرسة والخواء، ما يجعلها مادة سخيفة لا تستحق سوى الرفض والازدراء التام.
لو كان هناك رقيب على الأغاني والفنانين، لأُحرقت هذه الأغنية الرديئة في موقدة الأرض اليباب التي صوّرها فيها، ولزُجّ به في السجن لتسويقه أفكارًا مشينة تحت غطاء الحب والفن.
بطاقة الأغنية
"حرب" من كلمات وألحان الأخرس، صوّرها في لبنان بإدارة المخرج دانيال حبيب، بمشاركة الفنان سعيد سرحان، وصانع المحتوى محمد صباغ، والأخوين محمد وسامي ديب.