في مسلسل "سلمى"، تمشي مرام علي فوق خيط رفيع يفصل بين الحياة والموت، بين الحقيقة والفن، وبين الوجع الذي أدّته حتى آخر نفس، والوجع الذي شعرنا به نحن المتفرجون.
أدّت دور سلمى بصدق نادر؛ صدق يجعل المشهد ينزف من الشاشة حتى يصل إلى القلب بلا مقاومة. تعبت، هزلت، خسرت وزنها، غابت شرايين الحيوية عن وجهها، فحضرت امرأة حقيقية تهزّنا، ومسكت الدور بمخالب قوية حتى صدقنا كل تنهيدة منها.
سلمى التي داسها الألم حتى الانهيار، خرجت إلى الطرقات كمتسكّعة تبحث عن ظل، عن رحمة، عن شيء يشبه الحياة وارتمت على الأرصفة.
امرأة تحمل ألمها بين يديها كطفل خائف، وتمشي به وسط مدينة لا تراها. وهذا الألم… هو البطولة الحقيقية للعمل.

ولكن… قبلة؟ قبلة خاطفة؟ هنا قامت القيامة.
على سرير المستشفى، حيث كانت سلمى أقرب إلى الرحيل من أي وقت مضى، جاءت قبلة عادل "طوني عيسى" كنبضة حياة. كانت قبلة تشبه محاولة ف desperate لإنقاذ روح على وشك الرحيل، قبلة تقول: ابقَي… ما زال هنا من يحبك. قبلة من وحي اللحظة الدرامية، لا من وحي الجسد.
لكن السوشيال ميديا لم ترَ الألم، لم تُصغِ لأنين سلمى، لم تلمح التعب الذي أنهك الممثلة حدّ الانطفاء. لم ترَ الجسد العليل ولا الخط الفاصل بين البقاء والغياب. رأت قبلة فقط… قبلة خاطفة، فقررت أنّ حياءها قد خُدش، وأن الدراما ارتكبت خطيئة.
هل صرخ هذا المشاهد عندما انهارت سلمى في الطرقات؟
هل وجده مشهداً مهيناً للكرامة؟
هل هزّه مرضها، انكسارها، وحدتها؟
هل رآها وهي تحتضن الألم كما لو كان آخر ما تملكه؟
هل رأى التضحية التي قدّمتها مرام علي حين سلّمت جسدها للتعب وملامحها للذبول كي تمنح الشخصية صدقها؟
لم يثر كل ذلك غضبه.
أمّا القبلة ، تلك القبلة التي لم تتجاوز ثانية، فقد هزّت عالمه.قبلة خاطفة بدت أشد وقعاً عليه من كل الظلم المحيط بسلمى.
بدت أقسى من الشوارع التي احتضنت انهيارها، ومن الباص الذي اختنقت فيه، ومن الأرض الباردة التي نامت عليها حد الإغماء.
اغنية #انت_ومعي اجمل ختام لحلقة اليوم من #سلمى ❤️?@ShahidVOD ✨ @elissakh pic.twitter.com/pEJBEyqVdf
— ???? ?????? (@Elie_Geagea_) November 24, 2025
وكأن المشاهد تعلّم أن يغضّ بصره عن الألم كله، لكنه لا يغفر للدراما قبلة تُعيد للحياة نبضاً، وللحكاية معناها.
لم تكن القبلة أزمة أخلاق، بل أزمة قراءة.أزمة عين ترى الشكل وتغفل عن الجوهر.
وأزمة جمهور يبحث عن إثارة، لا عن فنّ يفتح القلب على أوجاع الآخرين.
سلام على سلمى…
على كل وجع عاشته، وكل نبض صدّقناه، وكل لحظة جعلت الدراما مرآة لروح بشرية مشرّعة على الضوء والظلام معاً.