يبرز اسم المطرب المصري محمد فؤاد، كواحد من أهم الأصوات التي مثّلت نبض الشارع المصري، بأسلوبه الصادق وصوته العذب، أُطلق عليه لقب "ابن البلد"، كما استحق لقب "صوت مصر" بجدارة.
في مثل هذا اليوم، يحتفل جمهوره بذكرى ميلاده، مستعيدين رحلته الفنية الطويلة التي تميزت بالنجاح والمواقف المؤثرة التي صنعت شخصيته الفريدة.
وُلد محمد فؤاد عبد الحميد حسن شافعي في 20 ديسمبر/كانون الأول عام 1961، بمدينة الإسماعيلية، قبل أن تنتقل عائلته إلى القاهرة لتقيم في أحياء شعبية مثل العباسية، حلوان وعين شمس، حيث تركت هذه التنقلات أثرًا واضحًا على شخصيته وأعماله الفنية.
عاش فؤاد في كنف عائلة مكوّنة من عشرة أشقاء، حيث استقى من بيئته الشعبية القيم التي ظل يحملها طوال مسيرته.
منذ صغره، أبدى شغفًا خاصًا بالفن، متأثرًا بكبار عمالقة الطرب مثل عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، لكن أحلامه في البداية كانت تتجه نحو كرة القدم.
إلا أن حادثة فقدان شقيقه الأكبر إبراهيم في حرب 1967، كانت نقطة تحول كبرى في حياته، عزّزت إحساسه بالوطنية، ما انعكس لاحقًا في أعماله الفنية.
وانطلقت مسيرة محمد فؤاد الفنية من خلال انضمامه إلى فرقة "فور إم" بقيادة عزت أبو عوف، التي بداية جاءت بالصدفة، حين أصر شقيقه وصديقه على أن يستمع أبو عوف لصوته.
مع الفرقة، قدّم أغاني مثل "متغربين" و"سلطان زماني"، ما شكّل انطلاقة قوية له.
لاحقًا، وقّع عقدًا مع شركة "صوت الحب" وأصدر أول ألبوم له بعنوان "في السكة" عام 1983، الذي لاقى نجاحًا كبيرًا وأثبت موهبته في الساحة الغنائية.
لم تكن أعمال محمد فؤاد الفنية بعيدة عن حياته الشخصية، فقد عكس فيلم "إسماعيلية رايح جاي" (1997) العديد من ملامح تجربته الحياتية، إذ استلهم من قصته الشخصية كفنان انطلق من حي شعبي لتحقيق النجاح والشهرة.
الفيلم، الذي لاقى نجاحًا كبيرًا، كان انعكاسًا لرحلته من البساطة إلى النجومية، إذ حقق نقلة نوعية في السينما المصرية، ليصبح علامة بارزة في تاريخها.
على مدار سنوات، أطلق محمد فؤاد عددًا من الألبومات التي حققت نجاحًا كبيرًا، مثل "هاود" و"الحب الحقيقي"، الذي تعاون فيه مع المخرج نصر محروس لتقديم فيديو كليب يُعد من كلاسيكيات الغناء المصري.
لم يقتصر نجاحه على الغناء فقط، بل خاض تجارب ناجحة في التمثيل، مقدّمًا أفلامًا بارزة مثل "غاوي حب"، ومسلسلات مثل "أغلى من حياتي"، التي أثبتت قدرته على التميّز في مختلف المجالات الفنية.
رغم النجاح الفني، لم تخلُ حياة محمد فؤاد من مواقف أثارت الجدل، من أبرزها شائعة زواجه بالفنانة سارة سلامة، التي نفتها المصادر المقربة منه.
وعلى الصعيد الشخصي، يتميز فؤاد بحفاظه على علاقاته القوية بأصدقائه وسكان حي عين شمس، حيث لا يزال يزورهم بانتظام ليبقى قريبًا من جذوره.
ترك محمد فؤاد إرثًا فنيًا غنيًا من خلال ألبوماته مثل "القلب الطيب" و"بين أيديك"، كما أغانيه الوطنية مثل "الأقصى نادى"، التي عكست إحساسه العميق بقضايا وطنه.
اليوم، يحتفل عشاقه بذكرى ميلاده كفرصة لتكريم مسيرة استثنائية جمع فيها بين الفن والوطنية، ليبقى محمد فؤاد "صوت مصر" الذي يمثل الأحياء الشعبية وقلبها النابض.