TRENDING
ملحم بركات القمر الذي غاب عن فن لبنان

ملحم بركات

ملحم بركات وسبع سنوات من الرحيل الصعب"1942-2016). فنان الوطن الذي دافع عنه حتى الرمق الأخير. خاصم وانتقد كل الذين يغنون بغير اللهجة اللبنانية. واحد من مداميك الفن اللبناني الأصيل وأحد أيقوناته. تأصل بالموهبة تاركاً أرثاً فنياً تتغنى به الأجيال وتردده حناجر الصوت في أمسيات الفرح وشجا الحب.

المخضرم الذي رحل بعد عطاء امتد خمسين عاماً غناءً وتلحيناً ومسرحاً. موسيقار غرف من الأصالة وبنى عمارة الحداثة. أحد أعمدة الفن اللبناني. شيّد الفرادة بصوته القوي وألحانه التي تنقش جسد الأغنية بزخارف البقاء.

لحق حلمه سراً

صاحب "جيت بوقتك فرفح قلبي"، مسكون بالفن لحن كلمات الجرائد وغناها. أبن بلدة كفرشيما من عائلة متوسطة الحال والده نجار وعازف عود. أحب الفن أكثر من أي شيء آخر. لحق هواجسه منذ نشأته الأولى فترك المدرسة والتحق بالمعهد العالي للموسيقى سراً، بعيداً عن عيني والده الذي أراده أن يكمل تعليمه العادي، وكان يخبئ كتبه وكراريسه خارج البيت. فوالده كان يقول: "هناك عبد الوهاب في الساحة وتريد أن تصبح فنانًا؟". ومع ذلك، ترك ملحم المدرسة وكان في السادسة عشرة من عمره وقرّر تعلم أصول الموسيقى.

أربع سنوات قضاها في الكونسرفتوار تعلم أصول الغناء والعزف وتقنيات الصوت. كان من بين أساتذته، سليم الحلو وزكي ناصيف وتوفيق الباشا.

الرحابنة والطوبة الأولى

تعامل مع الكبار منذ بداياته فكان واحداً من فرقة الرحابنة، عمل معهم أربع سنوات ثم أنفض عنهم ليشق طريقه الخاص. ليكون من القلائل الذين تمكنوا من الخروج من ظل عملاقي الموسيقى اللبنانيين، عاصي ومنصور الرحباني. وطالما عبر عن هذا الانفصال من أجل أن يكون حراً وذات مكانة خاصة بعيداً عن الحصرية والالتزام المقيد بعباءة الرحابنة التي كانت ستحد من طموحه ومكانته.

مسرحي من الطراز الأول

أول عمل مسرحي قام ببطولته كانت مسرحية "الأميرة زمرّد"، ثمّ "الربيع السابع" مع الأخوين رحباني، كما وقف أمام السيدة فيروز كمدعي عام في مسرحية "الشخص" عام 1968، وفي مسرحية "فخرالدين". وشارك في أكثر من مسرحية مع الشحرورة صباح "الفنون جنون "،"حلوة كتير"، "وست الكل".

وبعد ذلك مسرحية "ومشيت بطريقي" إلى جانب الراقصة داني بسترس .

واخر مسرحية له كانت "ومن الحبّ ما قتل"، التي عرضت في مهرجانات بعلبك الدولية عام 2010 فكرة والحان وتأليف ملحم بركات وغسان الرحباني ومن أغنيات هذه المسرحية "بدك مليون سنة" و"مرحبا".

مخضرم أعطى لجيلين

نجح في أن يخط لنفسه اسماً كبيراً. إذ لحّن لكبار المغنين كوديع الصافي في أغنية "خلو العمر يرجعلنا"، وماجدة الرومي التي لحن لها "اعتزلت الغرام" وصباح التي لحن لها "كحل العين" و"ليش لهلق سهرانين"، و"الحلوة طلت "، والمجوز الله يزيدو". ولسميرة توفيق "اشتقتلك يا دارنا".

وما تعاون مع فنان إلا وصار اسماً مرموقاً، وليد توفيق الذي لحن له "أبوكي مين يا صبيّة" و"مغرم بعيونك"، وكرّت بعدها السبّحة وانطلقت شهرته أكثر فقدّم: "علوّاه يا ليلى"، "عود يا حبيب الروح"، "يا لايمة ليش الملامة"، "على بابي واقف قمرين"، "يا حلوة شعرك داريه" لغسان صليبا. و"جيت بوقتك"، و"تعا ننسى ".

تعامل مع معظم الجيل الفني الحديث من فارس كرم وبسكال صقر وكارول صقر وملحم زين والمرحوم جورج الراسي وشذا حسون وريدا بطرس وهشام الحاج وسواهم.

كما سطر ملحم بركات مع الشاعر منير عبد النور أجمل الأغاني مثل "يا حبي اللي غاب"، "بعيدك يل إنت العيد"، "موعدنا أرضك يا بلدنا"، "ولا مرة".

ملحم بركات الثائر والمدافع الشرس عن الأغنية اللبنانية كان يهاجم كل فنان يغني خارج هذه اللهجة، فأقام عداوات سرعان ما كانت تفتر لتتحول إلى ابتسامة وضحكة أو تعاون فني جديد. سليط اللسان لا يهاب أحداً وفي لقاءاته كان يحدث جلبة، يتحلى بروح النكتة والفكاهة.

هذا التفرد الذي بناه من جبلة الأبداع والموهبة تركت أثراً كبيراً في الفن وفراغاً يصعب ترميمه أو تخطيه. ملحم بركات أسم من فن لا يشبه إلا نفسه.

يقرأون الآن