قبل سنوات، كانت الشهرة حكرًا على نجوم السينما والتلفزيون والموسيقى.
لكن في السنتين الأخيرتين وتحديدًا بعد انحسار جائحة كورونا وما تخللها من تجميد النشاطات الفنية وتواري نجوم الفن، تغيّر المشهد تمامًا.
أسماء مثل غيث مروان، سارة الورع، نور ستارز، نارين بيوتي، شيرين بيوتي، بيسان إسماعيل، يومي، ونور عريضة أصبحت تتصدّر التريند، وتنافس – بل وتتفوق أحيانًا – على نجوم الفن الكلاسيكي في عدد المتابعين، حجم التفاعل، وأرقام المشاهدة.
فما الذي حدث؟ ولماذا بات الجمهور أقرب إلى مؤثري المنصات الرقمية من الممثلين والمطربين؟
من الشاشة إلى الهاتف: السلطة الخامسة
باتت المعادلة بسيطة، بدل أن ينتظر الجمهور الفنانين على الشاشة، أصبح هو من يقرر من يشاهد، متى وكيف.
المنصات مثل يوتيوب، تيك توك، وإنستغرام حررت الناس من سلطة المحطات والمنتجين، وفتحت المجال لكل شخص يمتلك كاميرا وموهبة أن يصنع مجده بنفسه.
غيث مروان، مثلًا، استطاع بناء قاعدة جماهيرية ضخمة بمحتوى بسيط وعفوي يعكس شخصيته اليومية. سارة الورع قدمت قصصًا وعلاقات جذبَت الجمهور.
نور ستارز حققت ملايين المشاهدات بفضل عفويتها وتنوع محتواها، من التحديات إلى اليوميات. بيسان إسماعيل خلقت هويتها الخاصة بصوتها وشخصيتها الجريئة خصوصًا بعد خطوبتها من محمود الذي بات بدوره نجمًا على السوشال ميديا.
جمهور أقرب.. تأثير أعمق
نجوم السوشال ميديا يملكون ما يفتقر إليه الكثير من نجوم الفن، وهو العلاقة المباشرة مع الجمهور. هم يردّون على التعليقات، يشاركون لحظاتهم الشخصية، ويصوّرون أنفسهم بدون حواجز أو سيناريو. هذه العلاقة تخلق نوعًا جديدًا من الولاء، أساسه الصدق والقرب، لا الصورة المثالية التي بات يتخلى عنها كثير من النجوم، غير أنهم قدموا صورة مصطنعة نسفت تاريخ البعض منهم.
نور عريضة مثلًا، لم تكن مغنية أو ممثلة، لكنها أصبحت أيقونة بفضل توثيق حياتها اليومية بأسلوب راقٍ ومؤثر، لدرجة أن ماركات عالمية أصبحت تتهافت للتعاون معها. أما شيرين بيوتي ونارين، فخلقتا جمهورًا مخلصًا عبر الجمع بين الجمال، العفوية، والمواضيع التي تهم الفتيات يوميًا.
أرقام لا يمكن تجاهلها
المعادلة الرقمية اليوم تبدو صادمة، فيديو عفوي على تيك توك قد يجلب 20 مليون مشاهدة في يومين.
أما فيديو كليب لمطرب عربي شهير بالكاد يصل إلى نفس الرقم في شهر.
منشور واحد من يومي أو بيسان إسماعيل قد يحصل على تعليقات وتفاعل أكثر من مسلسل تلفزيوني كامل.
الرقم اليوم هو الملك. ومن يملكه، يملك التأثير.
هل النجومية التقليدية انتهت؟
لم تنته النجومية لكنها تغيّرت جذريًا. لم يعد الجمهور يركض خلف الأسماء الضخمة، بل خلف الأشخاص الحقيقيين الذين يشعر أنه يعرفهم. أصبح الصدق، لا التمثيل، هو العملة الأغلى في عالم النجومية الجديدة.
يدرك نجوم الفن إن أرادوا الاستمرار، عليهم النزول من الشاشة الكبيرة، وفتح الكاميرا الأمامية، لكن محاولاتهم في الغالب تبوء بالفشل لأنها جاءت متأخرة جدا.