كانت الأجواء مهيّأة لحفل زفاف بسيط، دافئ، في بيت "ميمي" شقيقة الفنانة زهرة العلا في حي مصر الجديدة.
جلس المدعوون في الصالة ينتظرون قدوم العريس النجم صلاح ذو الفقار، والعروس تتهادى بين الورود بثوب بلون الورد، حيّت الحاضرين بخجل العرائس ثم انسحبت إلى غرفتها تنتظر فارسها.
أما المأذون فقد بدأ يتململ في مكانه، بعد أن اقترب موعد عقد قران آخر عليه أن يلحق به، فيما القلق بدأ يتسلل بصمت بين الحاضرين.
صلاح ذو الفقار يطمئن عبر الهاتف... ثم يختفي!
رنّ الهاتف أخيرًا. جاء صوت صلاح من الاستوديو مطمئنًا:
"يا جماعة ما تقلقوش.. فاضل كام مشهد تصوير وآجي على طول."
لكن الطمأنينة لم تدم. مرت ساعة، ثم ساعتان، ثم ثلاث ساعات، دون أثر للعريس أو حتى اتصال ثانٍ.
بدأ التوتر يتحوّل إلى ذعر. حاول الحضور الاتصال باستوديو "ناصيبيان" حيث كان صلاح يصور فيلم الرجل الثاني من إخراج شقيقه عز الدين ذو الفقار. لكن المفاجأة جاءت حين أجاب عامل الهاتف:
"الجميع انصرفوا منذ أكثر من ساعة!"
المأذون يغادر، والمصور يعتذر... والدموع تنهار
خرجت زهرة العلا من غرفتها، وعيونها مبللة بالدموع، تسأل عن صلاح.
اضطر أحدهم للكذب:
"الخط الداخلي في البلاتوه مشغول..."
الموقف ازداد حرجًا. اعتذر المصوّر عبد الحليم نصر لانشغاله بتصوير مبكر صباحًا، وغادر.
تبعه المأذون الذي جمع أوراقه وغادر هو الآخر.
أما العروس، فدخلت في نوبة بكاء هستيري، حاول والدها تهدئتها عبثًا... وكاد الفرح يتحوّل إلى مأتم حقيقي.
الظهور الصادم... عريس الجرح والضمادة البيضاء
عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، رن جرس الباب بعنف وكأنه صرخة استغاثة.
أسرعت زهرة لفتح الباب، فتجمّدت في مكانها صارخة:
"مش معقول... مش معقول!"
كان صلاح قد وصل. قميص سبور مخطّط، بنطال عادي... ويده اليسرى ملفوفة بضمادة بيضاء لا يظهر منها سوى أطراف أصابع!
همس لها معتذرًا:
"أنا آسف... آسف أوي."
ثم جلس منهارًا على أقرب مقعد.
زهرة، الملهوفة على تفسير ما جرى، سألته:
"اتأخرت ليه؟ إيه اللي حصل؟"
ابتسم صلاح بمرارة، ورفع يده المصابة قائلًا:
"ده اللي أخرني..."
صرخت زهرة بقلق:
"الله! إيه ده؟!"
رد بهدوء مرير:
"تعبان لدغني."
الثعبان القاتل في قبعة الساحر
بدأت القصة تتضح أخيرًا.
كان صلاح ذو الفقار يؤدي دور ساحر متنكّر في فيلم الرجل الثاني.
وخلال التصوير، استعان شقيقه المخرج عز الدين ذو الفقار بأحد الحواة المحترفين لتدريب صلاح على حركة إخراج ثعبان حيّ من القبعة.
وبالفعل، تم التدريب بنجاح. لكن أثناء التصوير، ارتفعت الأضواء فجأة، فأُصيب الثعبان بفزع، وبدلًا من أن يخرج مطيعًا كما في التمرين، هاجم صلاح ولدغه في يده.
تم نقله فورًا إلى المستشفى القبطي القريب من الاستوديو، حيث أُجريت له إسعافات سريعة، وتم إرسال عينة من سمّ الثعبان إلى المعمل لتحليل درجة سميّته، تحسّبًا لأي مضاعفات.
من لدغة ثعبان إلى قبلة على الجبين... والزفاف مؤجل
بعد ساعات من الألم والانتظار والبكاء، عاد صلاح إلى عروسه التي استقبلته بالدموع والدهشة.
قبّل جبينها بحنان، وقال بصوته الخافت:
"أنا آسف أوي... ما كنتش عايز الليلة دي تتأجل."
وهكذا، تأجّل الزفاف ليلةً، لكن الحب لم يتأخر، واستكمل الثنائي أجمل فصول قصتهما لاحقًا... بدون ثعابين، وبدون مفاجآت.
نُشر هذا المقال ضمن أرشيف مجلة الموعد