مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنانة الكبيرة شادية، نعود إلى واحدة من أهم محطات مذكراتها التي دوّنت فيها تفاصيل مأساة إنسانية قاسية عاشتها خلال زواجها الثالث من الفنان صلاح ذو الفقار، لتكشف كيف تكررت الخسارة نفسها للمرة الثانية، وكيف أثّرت تلك التجربة على حياتها وقراراتها لاحقًا.
حلم الأمومة الذي انكسر مرتين
تروي شادية في مذكراتها أنها كانت تتماسك وتتحمل كل شيء من أجل الجنين الذي بدأ يتحرك في أحشائها للمرة الثانية. كانت تعتبر هذا الطفل القادم "السعادة الحقيقية" التي قد تعوضها عن فشل تجاربها الزوجية السابقة، مؤكدة أن إحساس الأمومة وحده قادر على منح الحياة معنى جديدًا.
التزمَت الفنانة بتعليمات الطبيب، ولزمت الفراش على ظهرها طوال فترة الحمل، مؤمنة بأن ما تسعى إليه يستحق التضحية. لكنها فجأة دخلت في غيبوبة طويلة، وحين استفاقت… لم تسمع بكاء طفلها. بحثت عنه بيديها المرتعشتين، لتواجه نظرات الصمت والحزن من والدتها وطبيبها، وتتلقى الخبر القاسي: "إن الله لم يرد".
انكسار داخلي… ونهاية الأمل الأخير
تؤكد شادية أن فقدان الجنين للمرة الثانية كان نقطة تحول مؤلمة. شعرت بأن القدر يكرر نفسه بلا رحمة، وأن فكرة الإنجاب ربما أصبحت خارج حياتها نهائيًا. هذا الألم بدأ يظهر في تصرفاتها وسلوكها، كما بدأ ينعكس على علاقتها بزوجها صلاح ذو الفقار.
تكتب شادية أن الطفل الذي انتظراه معًا كان "الأمل الأخير لإنقاذ الحياة الزوجية"، لكن غيابه أدى إلى اتساع الفجوة بينهما. مشاعر الحب التي جمعتهما يومًا بدأت تضعف، وتحوّل صلاح إلى رجل عصبي لا يحتمل النقاش، بينما انغلقت هي على حزنها العميق.
عودة إلى الغناء… ثم طلاق بهدوء
وسط الانهيار النفسي والعاطفي، شعرت شادية برغبة قوية في العودة إلى الغناء الذي غابت عنه طويلاً بسبب السينما. اعتبرت أن الغناء قد يكون ملاذًا لها بعد صدمات فقدان الجنين وفشل الزواج الثالث.
وفي نهاية الطريق، تم الطلاق بينها وبين صلاح ذو الفقار "بهدوء وبلا ضجيج"، ليكون هذا الانفصال هو الأخير في حياتها الزوجية.
إرث إنساني وفني لا يُنسى
تكشف هذه المذكرات الجانب الإنساني العميق في حياة شادية، بعيدًا عن أضواء الشهرة، وهموم الفن، وصخب السينما. رحلة امرأة عاشت الحب والألم والخسارة، وظلت رغم كل شيء واحدة من أكثر الفنانات تأثيرًا في وجدان الجمهور العربي.
هذه الشهادة النادرة تبقى جزءًا مهمًا من تاريخها… وتذكيرًا بقوة امرأة مرّت بتجارب قاسية، لكنها بقيت رمزًا للفن والعطاء.