TRENDING
زينة مكي تفوقت في

زينة مكي بشخصية "ناي" في مسلسل "آسر" رفعت الدور إلى بطولة ملفتة، تفوّقت على سرب الأبطال وحلّقت عالياً في أداءٍ موصوف. تحديداً في الحلقة 64، أبدعت زينة وسطت بحضورها، مشعلة العمل بجمرها بعد أن امتدّ الصقيع على أطرافه.

لا تفتعل زينة الدور، بل تأتي به دموعًا وعتبًا وصراخًا موجعًا، وتغرقه بالإحساس. الشخصية التي لعبت على الهامش، صارت في وسط الدراما تحتلها؛ تعبر بمشاعرها الصادقة أجمل تجسيد لناي: المظلومة، المريضة، الأخت التي تُخان من أختها، والتي تُضرب كرامتها من حبيب استغلها، وبقي يلعب على عواطفها، ثم سدّد لها الضربة القاضية وهو يدّعي حبّه واهتمامه بها.


صوت وجعها وصل إلى العظام.

لم يكن أداء زينة مكي عاديًا، بل مدويًّا بصرخات العتب الموجعة. تأتي بنبرة من عمق الروح، تئنّ في وجوهنا، تصرخ بعيونها، وبصوتها المبحوح من شدة المرض، وتحكي كلامًا بلسان "ناي" المهزومة، فتصيب المشاهد بوعكتها.

"ناي" هي الشخصية الوحيدة في "آسر" التي لم تقع في حفرة الظلم والإجرام، وبقيت نقية. وأخيرًا، قُضي على هذا النقاء، وبات العمل مفتوحًا للهواء الملوّث، بعد أن جُرّدت ناي من براءة أفكارها ومن طيبة ظنونها.

زينة مكي التي استعملت كل مفردات الأداء: صوت مبحوح بالوجع، عيون فيها حكاية ظلم ونظرة كتاب مقروء، جسد منهك يشرئب من ألمه، ويصيغ أجمل عتب حزين وحوار مكسور.

استطاعت زينة مكي أن تعطي ناي كل ما عندها: جسد مريض، نفس بريئة، وحب بلا انتهاء. وعندما انكسرت، شعرنا أن الارتطام حقيقي؛ طقطقة براءتها وحبّها خرجا من الشاشة، وأُصيب المُشاهد بـ"شَعر". عتبها مع أختها حياة، وطريقة صمتها وجلوسها على السرير، قدّمت لنا في لحظةٍ انكسار روحها وصدمتها، لدرجة كدنا نسمع لهاثها وخفقات صدرها.


شكّلت النص بأدائها.

أما لقاؤها بـ"آسر"، فكسر كل البرودة التي أغرقنا بها أداؤه المصطنع، فرفعته إلى فوق وعلت مراتبه. بدت متمرّدة لأول مرة، شعرنا أنها تتفكك أمامنا وهي تعاتبه على كذبه واستغلاله.

لم تكن زينة مكي بحاجة إلى حوار لتصل إلى أعلى هرم الأداء. أخذت النص بملكاتها وشكّلته على طريقتها، فنسجت أجمل تعبير، وأعطت "ناي" ذاك العمق بعد أن فكّكت نفسها لصالح الشخصية.

أجمل ما في زينة مكي تلك الجرعة المدروسة في التمثيل؛ لا إضافات ولا بهتان، فقط هناك شريان ينبض بالصدق والاحترافية، تقدّم الشخصية بعد أن تلمّعها بمليون عصب، وترفع دفق التوتر إلى أعلى، حتى تصبح الدهشة هي المسيطرة على المشهد.

مرّت زينة مكي في مسلسل "آسر" تقصّ الطيبة وسط خيانة الحب وغدر الأهل، كتبت السيناريو الخاص بها من خلال موهبتها، التي قدّمتها بجرعة مكلومة وصامتة، لكن صراخها وصل إلى أقاصي الروح.