أبدى كثيرون صدمتهم من حجم الهجوم العنيف الذي طال الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد بعد تصريحها المؤثر بأن تركها لشقتها، التي عاشت فيها لعقود، سيكون بمثابة "الموت"، لما تحمله من ذكريات وحياة كاملة سكنتها الجدران.
فيما انشغل البعض بمهاجمة نبيلة عبيد على خلفية هذا التصريح، بحججٍ متكررة من نوع "ما تشتريها"، و"إنتي نبيلة عبيد يعني!"، ظهر جلياً من النبرة العدوانية في كثير من التعليقات أن الأمر يتجاوز النقاش المالي أو المنطقي. هناك ما يشبه "الرغبة في القسوة"، وكأن العيار الذي لا يصيب لا بد أن يُدوش، وكأن بعض الجمهور بات يعتبر أن الفنان هو خصم ينبغي الانتقاص منه دائمًا، لا شخص قدّم عمره كله في سبيل الفن.
ولم تسلم نبيلة عبيد – رغم تاريخها العريق – من التنمّر اللفظي والنظرة الفوقية التي أفرزتها ثقافة جديدة أقل ما توصف به أنها جافة، وقاسية، ومنزوعة الإحساس.
احب اقول للفنانه القديره #نبيلة_عبيد (اللهم لا شماته .. بس للاسف انا شمتان) + اشربي بقي
— تمثال الراجل اللي في كلية الألسن (@antinaL234) July 6, 2025
بس اقولكو المفاجأه بقي ان مأخدتش الشقه دي بأمر من الدوله هتاخد غيرها ببلاش برضه وهتعملها متحف تعويض عن مشوراها الفني العريق(تعريضها السابق) وكلام بلابلا وبكره افكركو pic.twitter.com/bsEphDg7st
نبيلة عبيد ليست مجرد فنانة، بل هي تاريخ في حد ذاته. هذه المرأة التي كانت ذات يوم تقود حقبة البطولة النسائية في السينما المصرية، وتنافس أفلامها أفلام الزعيم عادل إمام في شباك التذاكر، قدمت أعمالاً خالدة صنعت ذاكرتنا الفنية. من شاهدها على شاشة السينما يعلم تمامًا كيف كانت تختار أدوارها وتعيش شخصياتها بتفانٍ وصدق، دون ادعاء ولا استعراض.
ولما كان عندها ٤٠ سنة ؟ طب ٦٠ مثلا وهى بتتدفع ف شقة إيجارها ممكن يبقي ٥ج وهى عارفة مكانها وسعرها ولما نبيلة عبيد تعمل كده واكيد عندها الف بديل الي مش عنده بقي يعمل اى وونبيلة والى زيها اكبر دليل للحكومة انها صح شقق مقفوله بملايين ع الفاضي
— يا صغيرة ع الهم يا لوزة (@Nona82398338) July 6, 2025
الغريب أن البعض يبدو وكأنه لا يستوعب أن نجوم الزمن الجميل لم تكن أجورهم كما هي اليوم. نبيلة عبيد لم تكن من أولئك الذين ركضوا وراء مشاريع استثمارية أو "ماركات" شخصية. عاشت لفنها فقط، وكرّست نفسها له. واليوم، في هذا العمر، لا يمكن أن يكون من السهل عليها تأمين 16 مليون جنيه لتحتفظ بشقة هي وطنها العاطفي والنفسي.
ولو كانت قادرة على شراءها، هل كانت ستخرج بهذا التصريح المؤلم؟ هل استدانت من أحد؟ هل طلبت العون؟ أم أنها فقط عبرت عن وجع حقيقي في زمن جاف؟
إن ما تتعرض له نبيلة عبيد ليس مجرد "رأي مختلف" بل شكل من أشكال التنمر الممنهج، الذي يعكس انحدارًا مرعبًا في التعاطف الإنساني، ليس فقط مع فنانة كبيرة بل مع سيدة كبيرة في السن في المقام الأول.