TRENDING


عصفت الرياح، وتذرّت الرمال، وغشيت العيون، وانطلقت موسيقى التأوّه المغموسة بالوجع، وصوت نوال الزغبي نشيجٌ يُحرّك مسام الأسى.

نوال الزغبي في أغنية "وقت الشدة" صوت من عمق الألم، تُجسّده بحرفيّة فنانة المشاعر والنغم المهذّب. لحن يأتي من الأعماق، عاصفٌ كبوح حبٍّ مكسورٍ بأشدّ نكسة، رقيقٌ يلفّ الروح بشاش الجرح.


نغم نوال يعلو كلجّة تائهة مسكونة بالإعصار، ثم يهبط كاستسلام عند حافة الضياع. أغنية تضرب عصب الروح، ترمينا في التّرنّح بين تلقُّف وضَمّة، وبين شكوى وتيه.

مشاعر تتقلب… كما الألبوم

لا تقف نوال في ألبوم "يا مشاعر" عند حسّ واحد ومناخ واحد، بل تُقلبنا مناخات وشطآن. حبٌّ مشتعل في أغنية "يا مشاعر"، ثم قوة في وجه غير المستحق في "ماضي وفات"، ثم أستاذة في الغرام بأغنية "أجي بالدلع"، والآن في "وقت الشدة" ترسم وجه النسيان والنكران، وعدم ردّ الجميل.

حكاية خذلان مجسّدة

في تكامل جمالي بين الصوت المذبوح، والكلمة المخذولة، واللحن الشبيه بلطم الأحزان، وصورة في صحراء صفراء قاحلة لا تُنبت سوى الأشواك، قدّمت عملاً يُجسّد حكاية الخذلان.

نوال الزغبي في فنّها، كما في شكلها وحضورها وكلامها، سيّدة التفاصيل، تُعمّر بنيانها على تلك الجزيئات البسيطة، لتخرج بعمل كامل له هوية ونفس جديد، لا يُشبه إلا صاحبته، مليء بالجمال والدهشة والرومانسية.

تعرف نوال كيف تُجدّد روحها، ففي أغنية "وقت الشدة" ذهبت نحو الأغنية البدوية الخليجية، مخفّفة باللهجة البيضاء. هذا النوع من الطرب يحمل الكثير من النوستالجيا والعاطفة المعقّدة المُوجّهة للماضي، حيث النكران والتخلّي والنسيان.

أرجوحة مشاعر

"وقت الشدة"، الأغنية الرابعة في ألبوم نوال الزغبي "يا مشاعر"، ربما قفزت لتحتل المرتبة الأولى، مع كمية التجدد والخليط الغرائبي في هذه الأغنية بين لحن الحنين وذاك النغم، بين مدٍّ وجزرٍ في صوت نوال، صارت الأغنية أرجوحة مشاعر، تهدهدنا وترمينا فوق غيوم ضبابية ومشاعر مرّ بها كل فرد.

نوال جمعت كلّ الخذلان والنكران بالجميل، غنّته، وصوّرته، ولحّنته، فخرجت قطعة فنية وقعت بشعار الزمن الذي يدوم.

ألبوم "يا مشاعر" يبدو تتويجاً لمسيرة فنانة ذهبية، جاء كاملاً براقاً، وأغنية "وقت الشدة" هي الماسة الكبرى في هذا العقد الجميل.