بارعةٌ سيرين عبد النور في تقليب شخصيتها، تأتي بالصورة من شواهقها. فاتنة، مغرية، مثيرة، لعبت الدور في أغنية "عاملن عقدة" وأعادتنا زمنًا في رحلة الحب، والمرأة التي تجلس القرفصاء وهي تغسل وتدبّ فصول الغرام.
الكليب الذي يمسك العين من أول خط أحمر شفاهٍ لعبد النور، حتى تتكلّل كعروس وتصبح أمًّا. ثلاث دقائق مكثّفة مليئة بالمشاهد التي تخترق المخيّلة وتؤلف حكاية من مجلّدات، تبهر القلب والعين، وتسافر بالمخيلة إلى أبعد سماء.
عمل رائع بالذكاء الحيّ
هذا العمل الفني الرائع، ببساطته وعدم تكلّفه، يتفوّق في زمن الذكاء الاصطناعي ليأتي بالصورة الحيّة والجلد العاري إلا من حقيقته، ويقدّم الصورة مجرّدة بلا إضافات سوى إبداع سيرين في تقديم حركاتها الشبقة وإثارتها الرصينة التي تذهب عاليًا في تجسيد أعلى نبرة في الإغراء المُبطّن.
أن تُجسَّد اللحظة على أنها حكاية طويلة من مفردات لا تُحصى، وتؤلَّف في الذهن آلاف الصور، وتشقّ المخيّلة على أفكار لا تُعدّ، فهذا من إبداع المخرج جو بوعيد، ومعه عبد النور، وهي العجينة الطرية التي تتقلب كممثلة تجيد لعب أدوارها حتى النخاع.
خلق صور من حنين
"عاملن عقدة"، أغنية سيرين عبد النور، يصحّ بعد مشاهدة الكليب أن تُصبح عاملتن عقدة. فما تقدّمه الفنانة من إيحاءات وصور ودور، ومعها صوتٌ ناعم مغناج وموسيقى، يخلق روحًا إيجابية يهتزّ لها الخصر، ولسيرين خصرُ عارضة شرقية، إن هزّ، هزّ معه أحلام الرجال وأثار غيرة النساء.
العودة نحو القديم المنسي وتصوير فتاة عاملة في غسيل الملابس، ودلق الماء والصابون والدلو واللكن، كلّ هذا عودة حنين نحو ماضٍ يخلق في الذهن صورًا تسافر بنا نحو نقاء وحب وشغف لم يعد موجودًا في عالم السرعة والأنوثة المصطنعة؛ زمن أحلامه مادية ونساؤه مشوَّهات بالسليكون، ورجاله مشكوك في أمرهم.
فهذا الكليب، سفرة نحو زمن الطبيعة والحب الطيب.
"عاملن عقدة" عملٌ سُجّل في كتاب سيرين عبد النور وجو بوعيد، ليبقى مرجعًا في الجمالية، على غرار الكثير من الأعمال الفنية التي أتت بمثل هذه الروح البسيطة والمبدعة.