في لحظة إنسانية نابضة بالعفوية والمشاعر الأبوية، صعدت جانا دياب، ابنة النجم المصري عمرو دياب، إلى خشبة المسرح لتشاركه أداء ديو "خطفوني". كانت اللحظة مليئة بالحب والدفء، عكست علاقة أبوية متينة وداعمة، ولفتت الأنظار بجمال جانا وخفة ظلها، وحضورها اللافت، رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تظهر فيها أمام الجمهور.
لكن، وكما هو معتاد في عالم مشبع بالأحكام السريعة، لم تمر هذه اللقطة دون هجوم. فبينما رأى البعض في المشهد صورة طبيعية لعلاقة صحية بين أب وابنته، استغل آخرون الفرصة لتوجيه سيل من الانتقادات القاسية، التي تخطت حدود الذوق وتسللت إلى تفاصيل شخصية تم تضخيمها وتأويلها بطرق مشوهة.
هجوم حاد : كيف تكون ابنة عمرو دياب ولا تتقن العربية؟
واحدة من أكثر الانتقادات قسوة تمحورت حول عدم إتقان جانا للغة العربية، وهو ما ظهر خلال غنائها، حين واجهت صعوبة في نطق بعض الكلمات.
هذا التفصيل البسيط، تحوّل فجأة إلى ساحة محاكمة مفتوحة، وانهالت التعليقات التي تساءلت بحدة: "كيف يسمح فنان بحجم عمرو دياب أن تكبر ابنته دون أن تُجيد لغتها الأم؟"، و"لماذا لم يُعلّم أبناءه العربية رغم أنه رمز فني عربي؟".
هجومٌ يعكس أزمة أعمق من مجرد نطقٍ غير سليم، إذ سلط الضوء على انقسام حاد بين من يتقبل الازدواج الثقافي لأبناء الفنانين الذين نشأوا في بيئات غربية، وبين من يراها خيانة للهوية. جانا، التي عاشت معظم حياتها في لندن، ودرست هناك، وجدت نفسها في مرمى تساؤلات جارحة، لا لشيء سوى أنها لم تنطق العربية كما يتوقع البعض من "ابنة الهضبة".
تناقض الآراء: أب داعم أم مقصر في التربية؟
في مشهد واحد، تباينت القراءات: فهناك من اعتبر عمرو دياب مثالاً للأب الحاضر والداعم، الذي يفتح مساحة آمنة لابنته أمام جمهوره الضخم، دون خوف أو تكلّف. بينما اتجه فريق آخر إلى جلد الأب نفسه، وتحميله مسؤولية عدم إتقان ابنته للغة العربية، بل ووصلت بعض الآراء إلى الطعن في مدى "أبوّته الحقيقية"، متسائلين إن كان قد قصّر في غرس الهوية والانتماء في أولاده.
كما انتقد كثيرون ملابس جانا الجريئة في حضرة والدها.
فخ السوشال ميديا
اللحظة التي جمعت عمرو دياب بابنته، والتي كان يُفترض أن تُقرأ بعين إنسانية، تحوّلت إلى مادة ساخنة للانقسام. المشهد كشف عن واقع لا يرحم، يُحاكم الناس بنظرة ضيقة، ويُحمّل الفنانين أوزار التربية واللغة والثقافة وحتى الملابس.
تثبت هذه الحادثة مجدداً أن محاولة إرضاء الجميع مهمة مستحيلة وأن جانا تدرك هذه الحقيقة هي القادمة من منزل احترف التعامل مع الأضواء بحلوها ومرها.