TRENDING
صيف غنائي مزدحم: هل يخدم زخم الإصدارات الفنانين أم يظلمهم؟

شهد النصف الأول من تموز/يوليو 2025 تدفقًا غير مسبوق في الإصدارات الغنائية من كبار نجوم الساحة العربية، وكأن الجميع قرر أن يضرب ضربته في التوقيت ذاته.

فقد طرح عمرو دياب ألبومه الجديد "وابتدينا"، وتبعته أصالة بألبوم "ضريبة البعد"، بينما طرح رامي صبري ألبومه "أنا بحبك أنا".

وائل كفوري من جانبه أطلق أربع أغانٍ من ألبومه المنتظر بعنوان "تك تك"، فيما تستعد نوال الزغبي لطرح المزيد من أغاني ألبومها خلال أيام.


لطيفة أيضاً أطلقت ألبومها، وسيرين عبد النور اكتفت بإطلاق أغنية "عاملين عقدة".

قبلهم، أطلق ملحم زين ألبومه الجديد، وسبقته نجوى كرم بطرح مجموعة من الأغاني المنفردة.

كما طرح فضل شاكر ديو عاطفيًا بعنوان "كيفك ع فراقي" مع ابنه محمد، وقدم عبد المجيد عبد الله أغنية "عين وهدب"، في حين أطلق محمد منير أغنية "ملامحنا" فضلاً عن أغنية ديو مع تامر حسني الذي تأجل ألبومه أياماً بسبب مشكلة الأنترنت في مصر، وكان من أوائل من افتتحوا الموسم الصيفي من خلال ديو "ملكة جمال الكون" مع الشامي، وطرح رامي عياش أغنية "اسم الله"، وفارس كرم أغنية "قلة أدب". وتستعد نانسي عجرم لإطلاق ألبومها الجديد، في حين بدأ الفنان حسين الجسمي تباعاً بطرح أغاني ألبومه، وبدأت سميرة سعيد بتسجيل أغانيها الجديدة.


زحمة الإصدارات: فرصة أم فوضى؟

على الصعيد التسويقي، تزامن الإصدارات الضخمة يمكن أن يكون سيفًا ذا حدين. من جهة، الزخم الكبير يشعل الحماس الجماهيري ويحول الموسم إلى ما يشبه "ماراثون استماعي"، حيث يتسابق الجمهور لاكتشاف كل جديد. هذه المنافسة قد ترفع جودة الأعمال وتجبر الفنانين على تقديم أفضل ما لديهم. كما تُعتبر فترة الصيف تقليديًا موسم الذروة للترفيه والمهرجانات، مما يبرر هذا التركيز الزمني.

لكن من الجهة المقابلة، هذا الزخم قد يؤدي إلى تكدس فني يُفقد بعض الإصدارات وهجها، ويدفن ألبومات قوية تحت ركام التنافس الإعلامي. ليس من السهل أن يبرز عملٌ ما عندما تُطرح سبعة أو ثمانية ألبومات خلال أيام، ويصبح المشهد أقرب إلى معركة على الترند بدلاً من الذوق الفني.


من المستفيد؟

الفنانون الذين يمتلكون قاعدة جماهيرية واسعة واستراتيجيات ترويج قوية – كعمرو دياب وأصالة وتامر حسني – غالبًا ما يكونون المستفيدين في هذا السياق. قدرتهم على السيطرة على محركات البحث، قوائم الاستماع، والمواقع الاجتماعية تعني أن صوتهم لن يضيع وسط الضجيج. كما أن جمهورهم مستعد لملاحقتهم في زحمة الإصدارات، حتى إن تزامنت مع أعمال منافسين.

أما الفنانون الصاعدين أو من يراهنون على عمل واحد للعودة أو الاستمرارية، فغالبًا ما يكونون هم "ضحايا" هذا الزخم، حيث تغيب تغطيتهم الإعلامية ويتأخر تفاعل الجمهور مع أعمالهم، إن لم يتلاشَ كليًا.


لماذا صيف 2025 بالذات؟

تراكم الإصدارات هذا الصيف لا يبدو عشوائيًا. أولاً، بعد مواسم راكدة فنيًا نسبيًا، غالبًا ما يُفضل الفنانون إطلاق أعمالهم في الصيف، حيث تنشط المهرجانات والحفلات.

ثانيًا، التأجيلات التي تسببت بها ظروف الإنتاج ما بعد كورونا ما تزال تلقي بظلالها، إذ بدأنا نرى آثار "الاحتباس الفني" تظهر الآن على شكل انفجارات إصدارية متزامنة.

كما أن صيف 2025 يتزامن مع نضج واضح في استراتيجيات المنصات الرقمية التي تشجع على طرح الأغاني في مواعيد معينة لزيادة نسب الاستماع، مما يجعل هذا النوع من التزاحم يبدو شبه منسق ضمنيًا، حتى لو لم يُعلن عنه.


هل السوق العربي يحتمل؟

الإجابة الواقعية أنه لا يحتمل بهذا الشكل. فالسوق العربي لا يعمل وفق نظام تصنيفي واضح ولا يمتلك آليات توزيع واستماع ذكية كالأسواق الغربية، ما يجعل من الصعب على الجمهور أن يكتشف كل جديد بشكل متوازن. المنصات الرقمية تخدم الأعمال الأكثر ترويجًا، بينما تضيع أعمال ذات قيمة فنية حقيقية في الظل.


اختبار قاسٍ

صيف 2025 هو موسم ذهبّي للأغنية العربية من حيث الكم والنوع، لكنه أيضًا اختبار قاسٍ لمدى قدرة السوق والجمهور على فرز واستهلاك هذا الكم من الأعمال.

وبينما يحصد الكبار ثماره، قد يجد البعض الآخر أنفسهم يصرخون في فراغ. الحل؟ في يد الفنان وخطته التسويقية أولًا، وفي وعي الجمهور وتفاعله ثانيًا. والأهم: أن يختار الجميع التوقيت كما يختارون اللحن... بدقة.