فجّرت أغنية "إنت باغية واحد" للفنان المغربي سعد لمجرد جدلاً واسعاً داخل محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، بعد أن دخلت في مرافعات الدفاع ضمن واحدة من أكثر القضايا الجنائية إثارة في المغرب، والمتعلقة بمحاكمة "بارون" المخدرات الدولي الحاج أحمد بن إبراهيم، المعروف بلقب "إسكوبار الصحراء".
وخلال جلسة عقدت يوم الخميس، حاول محامي سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي وأحد المتهمين البارزين في القضية، التشكيك في مصداقية الشاهد الرئيسي "توفيق"، بالاستناد إلى تصريحاته السابقة، التي ذكر فيها أن "إسكوبار الصحراء" احتفل بطلاقه من الفنانة لطيفة رأفت في عام 2014، ورقص خلال الحفل على أنغام أغنية سعد لمجرد.
واستند الدفاع إلى ما اعتبره "خللًا منطقياً"، موضحاً أن الأغنية لم تُطرح رسمياً سوى في عام 2015، ما يضرب – وفق زعمه – بمصداقية الشاهد، ويشكك في تسلسل الأحداث.
غير أن هذا الادعاء لم يصمد طويلًا، إذ تبيّن أن الأغنية توجد منها نسخة بالفعل على منصة "يوتيوب" في عام 2014، قبل أشهر من العام المشار إليه، وهو ما أعاد التوازن لصالح رواية الشاهد، وخلق ارتباكاً في مرافعة الدفاع.
من هو إسكوبار الصحراء؟
تُعد هذه التفاصيل جزءاً من ملف ثقيل يتابعه الرأي العام المغربي والدولي منذ فترة طويلة، ويُحاكم فيه الحاج أحمد بن إبراهيم، الملقب بـ"إسكوبار الصحراء" وأيضاً بـ"المالي"، نظراً لأصوله القادمة من كيدال بدولة مالي.
وتم اعتقاله في مطار محمد الخامس في عام 2019 بعد سنوات من الملاحقة، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهم تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات.
وتعود بداية قصة "إسكوبار الصحراء" إلى صحراء الساحل الإفريقي، حيث نشأ وسط بيئة بسيطة كابن لراعٍ للإبل، قبل أن تفتح له الأقدار طريقاً غير متوقع حين تعرف على مشاركين في "رالي باريس داكار"، وهو ما مكّنه من التغلغل في المنطقة ومعرفة تفاصيلها الجغرافية والقبلية الدقيقة، فحوّل هذه المعارف لاحقاً إلى شبكة دولية لنقل المخدرات.
وبحسب تحقيقات مجلة "جون أفريك"، وسّع الرجل من نشاطه ليشمل استخدام الطائرات الصغيرة لنقل الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى إفريقيا، قبل أن يُنشئ طرقاً بحرية وبرية عبر الجزائر وليبيا ومصر وصولًا إلى أوروبا، ليصبح خلال سنوات من أكبر تجار المخدرات في القارة السمراء.
وعلى إثر ثروته الضخمة، اشترى فيلا فاخرة في الدار البيضاء وشققاً في السعيدية، وتزوج من ابنة مسؤول عسكري بوليفي كبير، قبل أن ينقلب عليه شركاؤه – بحسب روايته – ويوقعوا به في كمين انتهى بسقوطه خلف القضبان.
اللافت أن الملف ظل ساكناً منذ اعتقاله، إلى أن قرّر بن إبراهيم "الانتقام" من شركائه المفترضين، وفتح سلسلة من الشكاوى ضد شخصيات بارزة، بينها مسؤولون سياسيون وحزبيون في المغرب، أبرزهم سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، رئيس الجهة الشرقية.