الإعلامية ياسمين الخطيب، الشقراء الناعمة، التي تقول كلمتها القاطعة كحد السيف في برنامجها "مساء الياسمين"، وقبله في "الشاي بالياسمين"، وكأن هناك فصامًا بين تلك الرقة وبين حضورها العاصف وكلمتها الحرة الجريئة.
ياسمين التي تتطرق لمواضيع شائكة، وحوارات عاصفة، ولقاءات ثقافية ذات تأثير، لا يقف حضورها عند الكلمة التي تُجيدها، بل في المظهر أيضًا. المراقب لإطلالات ياسمين الخطيب يجد أن لها أسلوبًا في الظهور، كما لها أسلوب في طريقة النقاش واختيار مواضيع برامجها.
اختزال الألوان
فهي بين الأبيض والأسود تبني شخصية ظهورها تحت الكاميرا. الأسود لون الغموض والرسمية والتمرد والجاذبية، ولها في ذلك غَمرٌ كبير. ومن الأبيض، المسالم المعاكس للأسود، حيث الخير والنقاء والصفاء، فهي على وتيرة اللون وتناقضه وتكامله، تبني صورتها الإعلامية حتى تتكامل مع خطابها وهدف برامجها التي تلقى الإعجاب والمتابعة.
أناقة الأبيض والأسود.. غلاف الرسالة الإعلامية
تُتقن ياسمين فنّ الظهور، فهي على ركيزة الحشمة تقوم صورتها، حتى تترك للكلمة مساحة تعصف بالجمهور بعيدًا عن الإبهار والألوان والإثارة الشكلية. فهذه الحشمة هي غلاف الحوار الجدي، وهي صورة تُحوّل العين نحو العمق الأهم، بعيدًا عن المظهر والشكل، ليكون المضمون هو السيّد.
لكن ياسمين لا تعيش حالة تقشّف، ولا تبخل في مظهرها، بل تُشذّبه وتهذّبه، وتجعل من النقيضين، الأبيض والأسود، معنى وجمالية ملفتة تقع ضمن خطوط الاحترام والجمال. فتأتي بالحرير الأبيض الناعم، أو القميص المُزهر بالأزهار، أو البذلة الرسمية بقصّة "شانيل"، أو مغمسة بالسواد مع بريق مجوهرات، وتكون دومًا ياقاتها منحرفة ومشغولة بإتقان وفن.
تحافظ على تلك النبرة الجدية في مظهرها وفي حواراتها، وتبني صورتها كإعلامية جادة، ومحاورة عنيدة وجريئة، وتُعطي الصفة لدورها، وليس لملابسها وقصّات فساتينها.
سيدة النقيضين وخط الوضوح
لا توجد شخصية بارعة في ارتداء الأبيض والأسود كما تفعل ياسمين الخطيب. فهي التي تُدرك معنى اللون وتأثيره كفنانة تشكيلية شاركت في معارض عالمية كثيرة، وتعرف أن اللون هو كل شيء. ففي اللون سطوة، وفي اللون خطاب، وفي اللون حكاية وإحساس وجمال. اللون فن.
ومن أكثر من فنانة تشكيلية سيعرف ماهيّة اللون وتأثيره؟ لهذا، هي اعتنقت الأبيض والأسود لتكون عند خط الوضوح، في الطرف الجلي، بدون مناطق وسطى أو رمادية.
أستاذة الألوان والكلمة
ياسمين الخطيب ليست فقط إعلامية، بل هي كاتبة، ولها ست مؤلفات بين آراء وأفكار وتحديات تُعبّر عنها، وتُتقن فن التعبير في الكلمة المكتوبة، كما في الكلمة المحكية والحوارات.
وعند خط الكلمة ونسجها، وعند البوح، تصبح كل الألوان مفتوحة ومباحة. عندما يكون الشأن عامًا تتحفّظ، وعندما يكون شخصيًا تفتح ينابيع تدفّقها، وتُصبح منسوجة بكل الألوان، ولا تقبل إلا أن تكون صارخة وقوية، كلوحة بين الأصفر الساطع، والزهر المُغناج، والأحمر المتدفّق.
ياسمين الخطيب صاحبة نهج ورؤية، سواء في رسالتها الإعلامية أو في مظهرها. وهي فوق ذلك رسامة وكاتبة، وعند كل هذه الشطآن الواسعة، تتلون بمقولة: "لكل مقامٍ مقال، ولكل هندامٍ مناسبة". ومن سيُجيد فن اللباس والمظهر أكثر من فنانة اللون والتشكيل؟