داني بسترس الفنانة التي رقصت حتى الموت. ابتدعت للحزن مسرحاً فرقصت وجعاً ووزعت فرحاً. رقصت من الألم حتى تضرجت بدمائها وبقي منديلها يرفرف فوق ذاكرة من عرفها إنسانة وفنانة وراقصة.
تركت خلفها بركة دماء ومسدس صغير قربها خطت بهما نهاية السيدة الجميلة التي نامت على خذلان.
ابنة العائلة الارستقراطية الثرية التي لا تحتاج شيئاً، ودعت العالم في 27 ديسمبر عام 1998 بطلقة في الرأس ورحلت وهي التي كانت تحتاج كل شيء. كانت تحتاج الحب والأمان والسلام. عبرت عن ذلك مراراً لكن لا الاهل ولا الأصدقاء ولا الأحباء استطاعوا أن يملأوا جرار عوزها.
داني التي كان يفجرها الوجدان والحب والعطاء. وكانت ترقص على مسرح من هذيان. تروي بجسدها الحر وعقلها الطيب رؤيتها، لكن المتفرجون ما كانوا ليروا سوى الجسد الحر صاحب الإيقاع الذي لا يخطىء وهي تجسد سمفونية ألمها وروحها فوق منصة العيون.
غرق ابنها عام 1994 ، لم يكن موته أول مأساتها بل كانت الشعرة التي قسمت ظهر الشابة الطرية الحالمة. طالما عبرت عن وجعها وأسفها وخذلانها. لم تنصف فيما تريد، كانت كالغريبة تعطي ما تحتاجه. فملأت المسارح فناً والمهرجانات رقصاً وهي المتوعكة من الداخل، الألم ينخر عظمها بكل أنواعه.
الأهل عاتبون عليها وأبتعدوا خطوة عنها فهي ترقص وبنات العائلات العريقات الارستقراطيات لا يجوز لهن الرقص. رغم أن رقصها كان أشبه بتعويذة تجلٍ تغرف من كل أنواع التعبير شرقي وغربي وفلامنكو وكلاسيك، ممزوجاً بخطوات من باليه، كانت تحاول أن ترفع جسدها علّ الروح ترتفع أكثر فتشفى فتستكين.
قالت داني إن أحداً لم يفهمها ولا أحد قادر أن يبادل عطاءها ولا أحد استطاع أن يبادلها الحب. فعاشت وحيدة رغم أن الفن رفيقها والحبيب المفترض كان معها لكنه لم يستطع انقاذها من نفسها ولا من حزنها. طلقة واحدة في الراس ورحلت بعد 20 ساعة عقلها تشظى وبقي القلب يخفق حتى سكت في آخر معزوفة الحياة ومات رقصاً ووجعاً.
مع ملحم بركات في مسرحية "ومشيت طريقي" رقصت على أنغام "حمامة بيضا" و"انا حبي طاير طاير". أبدعت في خطواتها مزجت المعقول باللامعقول وابدعت فناً يخصها. فيه من كبريائها وعليائها الكثير وفيه من شغفها كل شيء.
قيل إنها كانت تعاني من ضائقة مادية وهي الثرية صاحبة الأملاك والعقارات، أين أملاكها ومن سطا عليها؟
بعد 25 عاماً نتذكر فنانة، كانت إليسا قد تذكرتها سابقاً من خلال عمل مصور غنائي "أنا عكس اللي شايفنها" في عام 2017 يسلط الضوء على حياة داني بسترس ومعاناتها مع الاكتئاب المزمن، وانتحارها، وقّعته المخرجة انجي جمال.
ذكرت داني بسترس في احدى لقاءتها أنها كانت ترقص كالطير مذبوحة من الألم وكانت تصد الحزن والكآبة بالرقص. وكانت عندما تهدأ وتثق تدعو من أحبته إلى الرقص معها. وهكذا فعلت مع الإعلامي طلال شتوي عندما استضافها في أحد برامجه.
رحلت داني وحيدة منتحرة كما ذكر تقرير موتها لكنها لم تجد من تثق به أو تدعوه إلى الرقص في حلبة حياتها.