في مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات، كان من المفترض أن يكون نهاراً سعيداً مع استقبال سنة 2020، لكنه اتشح بالسواد مع بداية العام الجديد برحيل نجوى قاسم.
الإعلامية التي غلبت الموت مرات عدة وهي تقارعه بتحدٍ وجرأة. في عام 2004 نجت من حادثة تفجير إرهابي استهدف مكتب قناة العربية في بغداد، نهضت من بين الحطام حاملة الميكرفون لتبُث على الهواء وقائع الحادث، قبل أن تهرع إلى الشارع لإيقاف السيارات لنقل الجرحى للمستشفيات.
وقبلها غطّت أخبار الحروب في أفغانستان والعراق ولبنان؛ حيث كانت تعمل في تلفزيون "المستقبل" وكانت من أوائل المذيعات فيه منذ العام 1993 تغطي الأماكن الساخنة.
قدمت برامج مهمة مختصة بالأسرى اللبنانيين والعرب في السجون الإسرائيلية، وتابعت هذه القضية بشغف كبير حتى تحرير عدد كبير من هؤلاء الأسرى.
كما واجهت العديد من الصعوبات في المحطات الرئيسية لها كإعلامية، وخلال تغطية العديد من الأحداث المهمة محلياً وعالمياً كتغطية الحرب على أفغانستان في عام 2001 كمراسلة حربية، كما أنها كانت شاهدة على الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، ونجت بأعجوبة من الموت بعد تعرّض «فندق فلسطين» للقصف الجوي من الطيران الأميركي.
عملت في المستقبل 11 عاماً، ثم انتقلت إلى قناة العربية في عام 2003 كصحافية ومذيعة رغبةً منها في قناة أكثر تخصصًا في الأخبار السياسية.
غلبت نجوى قاسم الموت مرات عدة لكن في صبيحة ذاك اليوم غلبها قلبها وتوقف بعد أن نشرت تمنياتها بأخر تغريدة لها تقول فيها: "يا رب عام خير على الجميع يا رب يا رب.. يا رب احفظ بلادنا، وعينك على لبنان".
أكدت شرطة دبي في تقريرها آنذاك حول وفاة قاسم أن "الإعلامية المتوفية، البالغة من العمر 52 عاما، كانت تعيش مع أفراد من أسرتها في منزل جديد في منطقة المارينا، وفي أجواء اعتيادية احتفلت معهم وأصدقائها برأس السنة الجديدة، وتوجهت إلى سريرها بشكل طبيعي ليلة أمس، وحين دق المنبه في الصباح لم تستيقظ ما أثار قلقهم، فتوجهوا إليها وحاولوا إيقاظها لكنها لم تستجب فاتصلوا بالإسعاف وتبين من خلال الفحص وفاتها نتيجة أزمة قلبية"، لافتا إلى أن هناك أطباء بين أفراد أسرتها، ولم تكن تعاني من أمراض أو مشكلات صحية قبل الوفاة.
قاسم لم تكن إعلامية عادية بل مؤثرة وقدوة، استطاعت أن تخط مسيرة من بطولة وتمّيز. تكون دوماً في الخطوط الأمامية للخبر والحدث تجابه وتعاند وتنقل الحقيقة.
حصلت في عام 2006 على جائزة أفضل مذيعة في المهرجان العربي الرابع للإعلام في بيروت. سُمّيت على موقع قناة العربية بـ "قطعة الكريستال" وسمّتها جريدة الرياض السعودية بـ "المراسلة الحربيّة".
اختيرت في عام 2011 من بينِ أقوى 100 سيدة في العالم العربي من قبل مجلة "أريبيان بزنس"؛ وحصلت في العام التالي على جائزة مؤسسة مي شدياق للإبداع التلفزيوني.
اليوم يتذكّرها محبّوها بالكثير من الغصّة، ولم تمضِ سوى أيام قليلة على رحيل والدتها، التي لحقت بها بعد 4 سنوات على الفاجعة، التي أدمت قلب عائلتها، التي تعيش اليوم بدل الحداد حدادين.. لروح نجوى قاسم في ذكرى وفاتها الرحمة.