TRENDING
تقلا شمعون :وجه الأم في


تعيد تقلا شمعون تدوير دور الأم في مسلسل "سلمى"، تصيغ معنى الأمومة برمّته، فتغزله من شظايا الألم، ومن هشيم القلب الذي لا يتوقف عن النبض رغم الخذلان.

هي ليست الأم التقليدية الحنون، ولا القاسية المتسلطة، بل تقف على الحدّ الفاصل بين الحنان المتعب والقسوة الضرورية، بين العاطفة المشروخة وعدم الجدوى من الحب حين يُمنح لمن لا يستحقه.


دور الأم عل شفير التناقض

تلعب تقلا شمعون دور أم تقف على شفير التناقض. ممزقة بين تعلق أعمى بابنتها ميرنا التي لا تمتلك من صفاء النية ولا من استحقاق الحب شيئًا، وبين جمود موجع تجاه سلمى، الابنة الأخرى التي نالت من الحياة صفعات لا تُعدّ، بينما أمها كانت واقفة على الضفة الأخرى، صامتة، متجهمة، وربما خائفة. ليس خوف الأم هنا من فقد، بل من مواجهة ذاتها، من أن ترى في وجه سلمى مرآة لإهمالها الطويل.


وجه يكتب ملفات المشاعر

وجه تقلا شمعون في هذا العمل لا يُمثل، بل يكتب، يُترجم، ويؤرخ. هو أرشيف كامل لمشاعر متضاربة: في كل مشهد يتحوّل الوجه إلى خارطة حيّة للمقت، والضغينة، والخوف، وفي لحظات نادرة يزهر فيه والفرح الحنين، أو تطل منه نظرة حب مشوّشة، كأنها تائهة عن صاحبها. تلك القدرة على اللعب بالملامح، بتقنيات منضبطة لا تتوسّل المبالغة، تجعل من أداء شمعون درسًا في الاقتصاد التعبيري، وفي بناء الشخصية من الداخل إلى الخارج.


عيون تحاكم ونبرة انفجار ووجه حاد

غزلت تقلا شمعون هذا الدور بخيوط من حرير مشدود، لا ينقطع ولا يرخى. منذ اللحظة الأولى، تلمع في نظرتها جأرة خفية، وفي جبينها تجاعيد لا توحي فقط بالقلق، بل بالذنب. عيونها الحادة لا تنظر، بل تُحاكم. خطواتها المرتبكة أحيانًا، ونبرتها المشدودة بين احتباس وانفجار، تجعلنا نرى الأم لا كدور مكتوب، بل كحالة شعورية معقّدة، تسكنها الطيبة والخضوع والحب المضلّل، وفي الآن ذاته، الجفاء والجحود والانكفاء العاطفي تجاه سلمى.

الدور المفصوم

هذا الدور المفصوم، الحاد، المتصدّع من الداخل، عرفت تقلا شمعون كيف تحتضنه بروح ممثلة لا تكتفي بتمثيل الشخصية، بل تُقيم فيها، تُغيّر هندسة ملامحها لأجلها، وتبتكر لها صوتًا جديدًا، مشية مختلفة، وذاكرة خفية لا تظهر في النص، لكن نشعر بها في الأداء. تؤدي تقلا شمعون هذا الدور بحرفية تكتبها بلحمها بصوتها وتجعلنا نشهد على نزيف أم مشتتة بين الحق والباطل.