شكّل عام 2025 محطة مفصلية في مسار الدراما العربية، ليس فقط بسبب كثافة الإنتاج، بل بسبب التحولات العميقة التي أصابت شكل النجاح ومواسمه وأنماطه. كان عامًا دسمًا بكل المقاييس، أعاد التوازن لساحة ظلت لسنوات أسيرة موسم واحد ونوع واحد.
الأوف سيزون… حين كُسر احتكار رمضان
للمرة الأولى منذ سنوات، لم يعد النجاح حكرًا على الموسم الرمضاني. مسلسلات عُرضت خارج السباق التقليدي حققت نسب مشاهدة واسعة وحضورًا نقديًا لافتًا، مؤكدة أن العمل الجيد يفرض نفسه في أي توقيت.
أعمال مصرية مثل "ورد وشوكولاتة" و"ميدتيرم" و"لا تستبدل ولا ترد"، التي عُرضت عبر المنصات، لعبت دورًا حاسمًا في إعادة الاعتبار لمفهوم الأوف سيزون، وأكدت ريادة الدراما المصرية كقوة عربية جامعة، لا تزال قادرة على جذب جمهور من المحيط إلى الخليج عندما يتوافر النص والإخراج والرؤية.
المسلسلات التركية المعربة… ظاهرة مستمرة لا عابرة
في 2025، تأكد أن الدراما التركية المعربة لم تكن موجة مؤقتة. ورغم إخفاق بعض الأعمال في بداية العام مثل "القدر" و"آسر"، فإن النجاح الكبير لمسلسل"سلمى" أعاد تكريس الظاهرة وأثبت أن تعثر عمل لا يعني أفول النوع بأكمله.
ومع "ليل"، تمددت الظاهرة أكثر، بينما دخلت السعودية بقوة على خط الإنتاج من خلال مسلسلي "أمي" و"المرسى"، المعربين عن أعمال تركية بلهجة سعودية، في خطوة تعكس ثقة السوق المحلي وقدرته على إعادة إنتاج القصص بما يناسب بيئته الثقافية.
عودة الدراما المحلية بعد هيمنة الأعمال المشتركة
بعد سنوات من طغيان الإنتاجات المشتركة، شهد 2025 عودة واضحة للدراما المحلية. الجمهور العربي عاد لمتابعة أعمال سعودية وكويتية، واستعاد شهيته للدراما السورية التي رجعت إلى محليتها وحققت نجاحات ملحوظة.
أما الدراما اللبنانية، فنجحت في استعادة موقعها، وتصدرت المشهد – ولو في رمضان – عبر مسلسل "بالدم"، الذي أكد أن الصناعة اللبنانية قادرة على المنافسة دون الحاجة إلى دعم خارجي، متى توافر النص القوي والإخراج المحترف.
البطولات الجماعية والدراما الاجتماعية في الواجهة
من التحولات اللافتة أيضًا عودة البطولات الجماعية، وتراجع هيمنة الأسماء الفردية. لم تعد الساحة محكومة بنجم واحد، بل بفريق عمل متكامل.
كما استعادت الأعمال الاجتماعية موقعها بعد سنوات من سيطرة دراما البلطجة والمخدرات، أو الأعمال الرومانسية الخفيفة، ليعود الاهتمام بقصص الناس وهمومهم وأسئلتهم اليومية، في طرح أكثر نضجًا واتزانًا.
خلاصة المشهد
يمكن القول إن 2025 كان عام الصحة والعافية للدراما العربية. عام استعادة الثقة، وتنوع المواسم، وتعدد اللهجات، وانتصار الجودة على التوقيت، والمحتوى على الضجيج.
دراما عربية أكثر وعيًا، أكثر محلية، وأوسع انتشارًا… تؤكد أنها لا تزال قادرة على التجدد، شرط أن تحترم عقل جمهورها.