أطلقت دار "ألكسندر ماكوين" Alexander McQueen تشكيلتها لموسم خريف وشتاء 2025 تحت عنوان واضح وغير معلن: الجسد كمنحوتة، والملابس كفن تجريدي. المجموعة، التي لاقت تفاعلًا لافتًا على منصات التواصل الاجتماعي فور نشرها، تحمل توقيع الدار المعروف بالجموح الإبداعي والدراما البصرية، ولكن هذه المرة مع تركيز مكثف على الهيكل، والملمس، والتصادم بين القسوة والرقة.
الموضة كفن تشكيلي
تبدو التشكيلة وكأنها امتداد لمعرض فني معاصر أكثر من كونها مجرد عروض أزياء موسمية. الأزياء لا تكتفي بتغطية الجسد، بل تعيد صياغته. التفاصيل المعمارية كانت بارزة في الفساتين المنتفخة ذات الأشكال الهندسية، والأكمام المنحوتة، والتطريزات التي تحاكي الحقول أو الانفجارات النجمية. كل قطعة تروي قصة منحوتة، لا مجرد تصميم تقليدي.
تناقض القوة والأنوثة
الهوية الجندرية في هذه المجموعة ملتبسة عمدًا. هناك معاطف جلدية داكنة تفيض بالسلطة والصلابة، تقابلها فساتين شفافة باللون الأحمر القاني تنطق بالأنوثة المتوحشة. في مشهد آخر، يظهر الحياك اليدوي الضخم كدرعٍ حسي، يحاكي القوة، بينما تتسلل قطع الدانتيل الرقيقة من تحتها، في تباين لافت بين الخشونة والنعومة.
لوحة ألوان جريئة، بخيارات محسوبة
رغم محدودية الألوان، إلا أن المجموعة لم تكن بحاجة إلى طيف لوني واسع. الأسود كان البطل الرئيسي، مدعومًا بتدرجات لؤلؤية ولمعان معدني. في المقابل، لعب الأحمر دورًا دراميًا بإطلالات كاملة تفيض بالجرأة والغواية. هذا الاختيار الصارم في الألوان يعكس وعيًا بصريًا قويًا، ويزيد من قوة الرسائل التي تحملها كل إطلالة.
التقنية اليدوية والحرفية العالية
ما يميز التشكيلة بشكل خاص هو العناية المفرطة بالحرفية. من الخياطة الهيكلية المعقدة، إلى الزخارف المطرزة يدويًا، إلى الحياكة الضخمة بتقنيات النود (knotting)، هناك إصرار واضح على تقديم الأزياء كأعمال فنية خالصة. التفاصيل لم توضع لمجرد التجميل، بل لتخلق حوارًا بصريًا بين الحرفة والمفهوم.
رؤية مستقبلية دون فقدان الجذور
رغم أن التشكيلة تبدو مستقبلية في كثير من جوانبها، إلا أن جذورها البريطانية ظلت حاضرة. هناك إشارات واضحة لتقاليد أزياء العصر الفيكتوري، خاصة في الياقات العالية والتفاصيل المعمارية، إلى جانب طابع "البانك" الجريء الذي لطالما شكّل حجر زاوية في هوية الدار.