يحتفل النجم المصري عمرو دياب، اليوم السبت 11 أكتوبر\تشرين الأول، بعيد ميلاده الرابع والستين، محتفظًا بمكانته التي تربع عليها منذ أكثر من أربعة عقود كأيقونة فنية لا تعرف التكرار، وصوتٍ رافق وجدان أجيال متعاقبة في العالم العربي.
لم يعد دياب مجرد مطرب ناجح، بل أصبح ظاهرة فنية متكاملة تمثل نموذجًا فريدًا في التطور والابتكار، إذ اختزلت مسيرته ملامح تطور الأغنية العربية من الثمانينيات إلى الألفية الثالثة، مقدّمًا موسيقى تعبّر عن كل جيل بروحٍ متجددة.
من بورسعيد إلى حلم القاهرة
وُلد عمرو عبد الباسط دياب في مدينة بورسعيد عام 1961، حيث بدأت موهبته في الظهور مبكرًا. ففي السادسة من عمره، غنّى عبر الإذاعة المحلية بصوت لفت الأنظار، فكان ذلك أول اعتراف رسمي بموهبته.
حمل الصبي الطموح حلمه وغادر مدينته الساحلية إلى القاهرة، وهناك بدأ أولى خطواته الجادة نحو عالم الفن، حيث التقى بالموسيقار الكبير هاني شنودة الذي آمن بقدراته واحتضن موهبته، ليبدأ معها فصل التكوين الحقيقي لمسيرة نجمٍ سيغيّر وجه الغناء العربي.
رحلة الصعود نحو النجومية
لم تكن الطريق سهلة، لكن دياب آمن بأن النجاح لا يُصنع بالصدفة. أصدر أول ألبوماته في أواخر الثمانينيات بعنوان «يا طريق»، تبعته أعمال لافتة مثل «متخافيش» و*«حبيبي»*، التي شكلت بداية ملامح لونٍ موسيقي جديد يجمع بين الحداثة الغربية والروح الشرقية المصرية.
منذ بداياته، عُرف عمرو دياب بقدرته على التجديد والتطور، فكان من أوائل من أدخلوا الموسيقى الإلكترونية إلى الأغنية العربية، ليصبح اسمه مرادفًا للتجديد والجرأة الفنية.
“بالحب اتجمعنا”.. صوت مصر إلى العالم
عام 1991 شكّل محطة فارقة في مشواره، حين قدّم دياب أغنية «بالحب اتجمعنا» خلال افتتاح دورة الألعاب الإفريقية في استاد القاهرة أمام عشرات الآلاف من الجماهير.
الأغنية التي أُديت بثلاث لغات – العربية والفرنسية والإنجليزية – كانت جواز عبوره إلى العالمية، لتتحول صورته إلى رمز فني يعكس وجه مصر العصري وإصرارها على التميز.
محطات بارزة في مسيرة “ دياب ”
خلال مسيرته الممتدة، ترك دياب بصمة واضحة في كل مرحلة من مراحل تطور الأغنية العربية.
في أواخر الثمانينيات قدّم ألبوم «ميّال» الذي فتح له أبواب الشهرة، ثم «شوقنا» الذي رسّخ مكانته في قلوب الجمهور. أما ألبوم «نور العين» عام 1996، فكان نقطة التحول الكبرى، إذ تجاوز نجاحه حدود العالم العربي ليصل إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية، ويُكرّس لقب "الهضبة" لصاحبه.
توالت بعدها النجاحات في ألبومات مثل «علم قلبي» و*«تملي معاك»، الذي أعاد تعريف الأغنية الرومانسية الحديثة، وصولاً إلى «الليلادي» عام 2007، و«وياه»* و*«بناديك تعالا»* و*«أحلى وأحلى»* التي ثبّتت مكانته في صدارة المشهد الغنائي.
وفي السنوات الأخيرة، أثبت بألبومات مثل «أنا غير» و*«سهران»* أنه لا يزال قادرًا على مخاطبة أذواق الأجيال الجديدة بذات الحيوية التي رافقته منذ بدايته.
موسيقى تتجدد وهوية ثابتة
أدرك عمرو دياب منذ وقت مبكر أن الاستمرار على القمة يحتاج إلى تطور دائم. فكل ألبوم له كان بمثابة مشروع متكامل في الفكرة والتوزيع والصورة، وليس مجرد مجموعة من الأغاني.
نجح في خلق معادلة تجمع بين الإيقاع العصري والكلمة البسيطة والصوت الدافئ، فاستحق أن يكون مرجعًا موسيقيًا لجيلٍ كامل من الفنانين الشباب الذين استلهموا تجربته في السعي نحو التحديث دون التفريط بالهوية.
الجوائز.. تتويج لمسيرة لا تتوقف
على مدى مشواره، حصد دياب عشرات الجوائز العربية والعالمية، أبرزها جائزة World Music Award عام 2014، التي نال فيها ثلاث فئات: أفضل مطرب عربي، وأفضل مطرب مصري، وأفضل ألبوم عن “الليلة”.
وتُعد هذه الجوائز شهادة عالمية على ريادته واستمراريته في تقديم فنّ قادر على تجاوز حدود اللغة والثقافة.
"ابتدينا".. بداية جديدة في رحلة لا تنتهي
حمل أحدث ألبوماته عنوان «ابتدينا»، وضم خمس عشرة أغنية متنوعة بين العاطفية والإيقاعية مثل «خطفوني»، «إشارات»، «بابا»، «حبيبتي ملاك»، «يا بخته»، «شايف قمر»، و*«ما تقلقش»*.
أسماء الأغنيات وحدها تعكس روح فنان لا يملّ التجريب، يرفض التكرار، ويعتبر كل عمل جديد بداية فصل جديد من الإبداع.