عندما تفتح الكاميرا عينها لبدء برنامجها تعرف أنك أمام حوار وحضور لا يشبه سواه.
كما في تمثيلها كذلك في حضورها الإعلامي، تُثبت شكران مرتجى في برنامجها الحواري الفني "أوه لا لا" الذي يعرض على قناة LTV أنها قادرة على صناعة التميّز أينما حلّت. جبلتها فريدة وشخصيتها استثنائية.
برنامجها كما أداءها ملون ومحفوف بالمشاعر. فهي الممثلة المتغيّرة التي تحمل في ملامحها مزيجاً من المشاعر المتقلّبة: بين الخفة والجد، بين الانكسار والصمود، بين القوة والضعف. قادرة أن تصوغ صوتها بحناجر عديدة، وأن تغيّر روحها بأرواح الشخصيات التي تجسّدها، لتبدو وكأنها تُولد من جديد في كل لحظة، تحت كل ضوء.

فنانة لا مقدّمة
حين جاءت إلى الإعلام لم تشبه أحداً. لم تقلّد، ولم تُرد أن تنتمي إلى مدارس التقديم التقليدية. دخلت المجال متّقدةً بصوتها الذي يعرف كيف يعلو من دون ضجيج، وبذكاء فنانة تتقن تدوير الزوايا وصياغة الحوار.
إنها قارئة حوارات محترفة، تمرّست عليها في أدوارها التمثيلية، من أعماق الشخصيات المهمَّشة حتى تيجان الملكات. تعرف كيف تتعامل مع الضوء بانسيابية وعفوية، وتعرف كيف تغيّر نبرة صوتها لتكون مرنة، رشيقة، وقريبة. هي التي جرّدت نفسها مئات المرات لتلبس لحم الشخصيات، وها هي الآن ترتدي روح الحوار.
الحضور الذي يُشبه الحياة
تُضحكك شكران حين يعجز الكون عن الضحك، وتبكيك حين تنعقد الدراما في طقسها الأليم. تمتلك موهبة نادرة في نقل الأحوال والمشاعر، فتبدّل مزاجك كما تبدّل هي حالتها أمام الكاميرا.
في "أوه لا لا" تمسك الحوار كما تمسك الممثلة مشهدها: بتوقيتٍ دقيق، وصدقٍ خالص، وارتجالٍ محسوب. هي تعرف أن تُحرّك ضيفها من مساحة الجد إلى المرح، من الصمت إلى البوح، من السؤال إلى المكاشفة. تفعل ذلك ببساطةٍ تُشبه جلسة ودٍّ بين أصدقاء.
بين الفن والإعلام... خيطٌ واحد من الصدق
شكران مرتجى ليست إعلامية بالمفهوم الأكاديمي، بل فنانة تستعير أدواتها لتخلق أداءً جديداً في التقديم. أسلوبها يقع في المنتصف بين التمثيل والحوارات الذكية، بين الفن والمرح، بين المعرفة والعفوية. هي هنا تؤدي دوراً من الصراحة والاختلاف. شيء مطعم بروحها الفنية التمثيلية شيء من نبضها الذي عرفناه عبر السنوات بأنها فنانة قادرة على التقاط انفاس المشاهد بفنها واليوم في الاعلام تؤدي دوراً له جاذبية خاصة ولا يشبه سواه.
في برنامجها لا يوجد سؤال جارح، بل مصارحة ناعمة تأتي بعد ودّ. لا تستدرج ضيفها، بل تحتضنه في حوارٍ إنسانيّ دافئ. ولهذا يشعر المشاهد أن الكاميرا تؤامها، وأنها تعرف كيف تشذّب نفسها أمامها، وتولد من جديد في كل حلقة لتكون أكثر جاذبية وإشراقاً. قادرة على الانخراط مع الضيف في رحلة أو مشوار ونحن معها نستمع ونستمتع في نزهتها لنرى دواخل ضيفها وهو يكشف عن اعماقها بتلك الأريحية والفضفضة الجميلة.
الحضور المسرحيّ والذكاء الآسر
لسانها بليغٌ ومرح، وقادر على تحويل المقدّمة إلى مشهد تمثيليّ مصغّر. لا تُلقي الكلام إلقاءً، بل تؤدّيه أداءً. وهذا ما يُكسبها تفوّقاً على كثير من الإعلاميين، لأن خلف كل عبارة تُلقيها تاريخاً من الأداء، ووعياً إيقاعياً باللحظة.
يكفي أن تتذكّر الشخصيات التي جسّدتها لتدرك أن الحوار بالنسبة إليها ليس نصاً جاهزاً، بل حياة كاملة تُعيد خلقها على الهواء.
"أوه لا لا"... مساحة للفنّ والروح
في كل حلقة من البرنامج، تفتح شكران نافذة على أرواح الفنانين الذين تستضيفهم، بمرونة الممثلة التي تعرف كيف تنصت، وبصدق الإنسانة التي تعرف كيف تقترب.
تقدم الحلقة كأنها في مشهد فني تمثيلي لكن بعفوية وارتجال فن يأتي من الاعماق مثقل بالمعرفة والثقافة والأداء المختلف والنبرة الجديدة.
تعطي للمشاهد شعوراً أن ما يراه ليس مقابلة، بل رحلة صغيرة في حياة من أمامها. بين سؤالٍ خفيف وضحكةٍ دافئة، تبني علاقة لحظية تشبه الصداقة. وهذا سرّها الكبير: تجعل من الحوار فناً ومن الضيف بطلاً في لحظة صدق.
فنانة تُحاور الحياة
لا تحتاج شكران مرتجى إلى جدالٍ يبرّرها، ولا إلى دفاعٍ يرفعها، لأنّ الفنّ وحده كفيل بأن يُعرّفها وأن يحميها. ونحن نعرفها وكبرنا مع فنها وشخصيتها التي أنشأت فينا عبق فنانة لها معنا فصول كثيرة وكلها من خيرات.
هي تعرف أن المجد الحقيقي ليس حسنة وجائزة ترضية بل عمل سنوات وختم موهبة حباها بها الله.
كلّ إطلالةٍ لشكران مرتجى لها على الشاشة، سواء كانت مشهدًا تمثيليًا أو حوارًا عابرًا، هي إطلالة لا تتكرّر فبريقها نابع من الداخل وضوء الداخل متجدد.
ما تقدمه شكران مرتجى في "أوه لا لا" لا يشبه سواه. فهي مسلية مضحكة بليغة وفطنة ومحبة وهذا يكفيها.