يقدّم المخرج المكسيكي غيليرمو ديل تورو في فيلمه الجديد Frankenstein (2025) معالجة مختلفة لأحد أشهر القصص الأدبية في التاريخ، مؤكداً أن الوحش ليس الجاني بل الضحية الحقيقية. الفيلم يجمع بين الرومانسية القوطية والدراما النفسية، ليقدم عملاً عميقاً يبتعد عن الصورة النمطية لأفلام الرعب التقليدية.

رؤية إنسانية في قالب مظلم
استطاع ديل تورو أن يقدّم رؤية قريبة من روح رواية ماري شيلي الأصلية، مركّزاً على الجانب الإنساني لكل من فيكتور فرانكشتاين ومخلوقه. يظهر الفيلم الصراع الداخلي للبطل بين عبقريته وجنونه، بينما يقدّم الوحش ككائن يسعى للفهم والقبول لا للدمار. هذا التوازن بين القسوة والعاطفة جعل الفيلم يندرج بامتياز تحت تصنيف الرومانسية القوطية المظلمة.

أداء أوسكار آيزاك يسرق الأضواء
في دور فيكتور فرانكشتاين، يقدّم أوسكار آيزاك أداءً متقناً يجمع بين الشغف والاضطراب. يجسد العالم الذي يسعى لتحدي الموت بعد فقدان والدته وإهمال والده له، ما يخلق داخله عقدة دفعت به إلى الهوس بالخلود. من خلال هذا البناء النفسي، يوضح الفيلم أن رفض فيكتور لمخلوقه ما هو إلا انعكاس لرفض الطفولة الذي عاشه.

الوحش: المرآة المكسورة للإنسان
على الجانب الآخر، يتبنى الفيلم وجهة نظر الوحش، مقدماً إياه كرمز للإنسانية المرفوضة. يتعلم المخلوق من الرفض المستمر، ويبدأ بالتعبير عن غضبه بالعنف، ليس رغبة في الشر، بل انتقاماً من العزلة التي فرضها عليه خالقه. طلبه لعروس ليس عملاً وحشياً بل صرخة احتجاج ضد الوحدة الأبدية.

إبداع يعيد مجد السينما الكلاسيكية
بصرياً، يوصف Frankenstein (2025) بأنه أحد أجمل أفلام العام. الإخراج المتقن، التصاميم الإنتاجية الفخمة، والأزياء المبهرة تعيد إلى الأذهان حقبة أواخر التسعينيات حين كانت السينما تحتفي بالجمال البصري والفكر الفني في آن واحد. كل لقطة في الفيلم تحمل توقيع ديل تورو الذي يبرع في صناعة العوالم الغامضة ذات الطابع الأسطوري.

نهاية مختلفة ونضج سردي
اعتمد الفيلم أسلوب السرد المزدوج، من خلال رواية فيكتور لأحداثه ورواية الوحش لقصته، ما أضاف عمقاً وتوازناً سردياً لافتاً. النهاية بدت أكثر تصالحاً مما اعتدناه في النسخ السابقة من القصة، لكنها حملت معنى رمزياً يعكس المأساة المشتركة بين الخالق ومخلوقه.
الوحش الحقيقي
يخرج Frankenstein (2025) من إطار "فيلم الوحش" ليصبح عملاً إنسانياً متكاملاً عن الخلق، الرفض، والوحدة. هو فيلم يذكّر بأن الوحش الحقيقي قد يكون في قلب الإنسان نفسه، ويثبت مرة جديدة أن غيليرمو ديل تورو لا يصنع أفلاماً فقط، بل أساطير سينمائية خالدة.