في أحدث أعمال نتفليكس، يقدم فيلم Frankenstein (2025) رؤية سينمائية مؤثرة لإحدى أشهر قصص الأدب العالمي، مجسّدًا الصراع الأزلي بين الخير والشر، بين الخلق وخالقه، وبين الإنسانية والطبيعة الوحشية. ما يميّز الفيلم هو الصناعة السينمائية الفخمة والمبالغ فيها بطريقة جليلة: التصوير البصري مذهل، التفاصيل الدقيقة في المناظر والملابس والمكياج تجعل كل مشهد لوحة فنية متكاملة، ويغمر المشاهد في أجواء مظلمة وملوكية في الوقت نفسه.
صناعة بصرية فاخرة تتجاوز الحكاية
الفيلم لا يكتفي بإبهار العين، بل يقدم فكرة عميقة وجوهرية: التساؤل حول طبيعة الإنسان، الرحمة، المسؤولية الأخلاقية للخلق، والقدرة على التعاطف مع المختلف. في هذه النسخة، يظهر المسخ طيبًا ومسالِمًا، يجسّد البراءة المظلومة، ويستحق التعاطف الكامل، في حين تأتي شخصية فيكتور شريرة بوضوح، وهو ما يجعل الصراع بينهما أكثر قوة وصدقية.

اكثر رسائل الفيلم عمقاً
ما أحببته شخصيًا هو تمثيل البراءة في المسخ مقابل الطموح والغرور البشري في فيكتور؛ هذه التباينات تجعل الفيلم تجربة عاطفية وفكرية في آن واحد. كما أن الفيلم يبرز كيف يمكن للصور السينمائية المبهرة والموسيقى والألوان أن تعمّق من تجربة المشاهدة، بحيث تصبح كل لقطة حديثًا بصريًا عن الصراع الداخلي والخارجي للشخصيات.

Mia Goth… العين التي ترى هشاشة الوحش والإنسان
وهنا يبرز الحضور اللافت لـ Mia Goth التي جاءت كقلبٍ نابض داخل هذا العالم الغارق في العتمة. بدا دورها كقرع على ناقوس الحب وتجلي الاعماق، بل بدت كضوءٍ صغير يلمع بين ركام الصراع. تجسّد شخصية تحمل حساسية عالية، امرأة ترى هشاشة المسخ قبل أن يراها الآخرون، وتشعر بخطر فيكتور قبل أن ينكشف للجميع.
بأسلوبها الخاص الذي يمزج الغرابة بالجاذبية، تقدّم Mia Goth أداءً يلتقط أدقّ الانفعالات: نظرة مرتعشة، تنهيدة تحمل خوفًا غير معلن، وحضور يوازن بين الضعف والقوة. تبدو وكأنها المرآة الحقيقية للمشاهد، تتفاعل مع الألم، وتفهم المأساة قبل وقوعها. إنها الصوت الهادئ الذي يذكّرنا بأن كل ثورة، وكل صنع، وكل خَلْق… يحمل ثمنًا إنسانيًا باهظًا.
وجودها يضيف طبقة شاعرية إلى الفيلم، تجعل القصة ليست فقط صراعًا بين خالق ومخلوق، بل أيضًا قصة امرأة ترى ما وراء الظلال، وتُضفي على العمل بُعدًا إنسانيًا يلمس الروح قبل العين.

فيلم يتجاوز نفسه
Frankenstein (2025) لا يمر كثيراً في عالم السينما بل يتجاوز نفسه كفيلم رعب أو فانتازيا، ليكون عمل سينمائي متكامل يمزج بين الإثارة، الفن البصري، والرسائل الإنسانية العميقة، ويترك أثرًا نفسيًا وفكريًا طويل الأمد على المشاهد.