سيدة الشاشة وفاتنتها التي رحلت في مثل هذا اليوم 17 كانون الثاني\يناير عام 2015، فاتن حمامة أكثر من اسم كبير في عالم التمثيل، هي المدرسة التي أرست قواعد الفن الرصين والشيق.
ولدت في عام 1931 موهوبة بالفطرة لتكون أعظم ممثلة في الشرق. ساهمت بشكل كبير في صياغة صورة جديرة بالاحترام لدور السيدات بصورة عامة في السينما العربية من خلال تمثيلها منذ عام 1940، ولم تكن تتجاوز التاسعة من عمرها، لتقف أمام محمد عبد الوهاب في فيلم "يوم سعيد".
الطفلة الموهوبة
وأصبح المخرج محمد كريم مقتنعًا بموهبة الطفلة فقام بإبرام عقد مع والدها ليضمن مشاركتها في أعماله السينمائية المستقبلية، وبعد 4 سنوات استدعاها نفس المخرج مرة ثانية للتمثيل أمام محمد عبد الوهاب في فيلم «رصاصة في القلب» (1944)، ومع فيلمها الثالث «دنيا» (1946) تمكنت من حجز موطئ قدم لها في السينما المصرية وانتقلت العائلة إلى القاهرة تشجيعًا منها للفنانة الناشئة ودخلت حمامة المعهد العالي للتمثيل عام 1946.
زواج بلا سعادة
تزوجت فاتن حمامة من المخرج عز الدين ذو الفقار عام 1947 ولم تكن تتجاوز 16 من العمر، وكان بمثابة أستاذها ومثلها الأعلى في الفن وتطلقت منه في عام 1954، ولم تكن سعيدة معه بسبب فارق السن الكبير بينهما. وطالما قالت إن الشعور الذي تكنه له لم يكن أكثر من علاقة تلميذة بأستاذها.
الحب الأكبر مع عمر الشريف
أما قصة الحب الأكبر كانت مع الممثل عمر الشريف وشاء القدر أن يجمع بين حبيبين التقيا صدفة.
بدأت حكاية لقائها بالشريف والذي كان اسمه آنذاك ميشيل شلهوب، عندما اعترضت على مشاركة شكري سرحان البطولة معها في فيلم يوسف شاهين "صراع في الوادي"، وقام شاهين بعرض الدور على صديقه وزميل دراسته عمر الشريف، حيث كان الشريف زميل دراسته في كلية فيكتوريا في الإسكندرية، وكان عمر الشريف في ذلك الوقت قد تخرج من الكلية ويعمل في شركات والده بتجارة الخشب فوافقت على الممثل الشاب، وأثناء تصوير هذا الفيلم حدث الطلاق مع زوجها عز الدين ذو الفقار.
انكسر المحظور مع الشاب المبتدئ
ومعروف ومشهود لها أنّ فاتن حمامة كانت ترفض أي مشهد أو لقطة فيها قبلة ولكن سيناريو الفيلم "صراع في الوادي" من انتاج عام 1954، كان يحتوي على قبلة بين البطلين، ووسط دهشة الجميع وافقت على اللقطة. واشتعلت قصة حب ما زال الزمن يحكي عنها حتى يومنا هذا. وكان هذا الفيلم الشرارة التي أتت بعمر الشريف كممثل ومن بعدها بات نجماً عالمياً.
لحظة طلب يدها
يقول عمر الشريف عن لحظة طلب يدها للزواج: "ما زلت أذكر تلك اللحظة التي عرضت فيها الزواج، لقد فأفأت وثأثأت ورجعت عدة خطوات وكنت أشبه التلميذ الذى نسي كل معلوماته في الامتحان الشفهي وفجأة صحت أقول لها "ما رأيك لو اتجوزنا؟ وكدت أجرى بعد أن نطقت بهذه الجملة ولكن شيئًا ما جعلني أجلس في مكاني".
شروط زواجها من عمر الشريف
اشترطت فاتن حمامة على ميشيل شلهوب، الذي اشتهر بعد ذلك باسم عمر الشريف أن يعلن إسلامه من أجل الزواج منها، وبالفعل لبى رغبتها وتخلى عن المسيحية من أجلها، وفي عام 1955 حدث الزواج. وأنجبا ابنهما طارق.
أعمال جمعت الحبيبين
وبعد الزواج اجتمع الثنائي فاتن حمامة وعمر الشريف في العديد من الأعمال الفنية، وهي "نهر الحب"، "سيدة القصر"، و"صراع في الميناء"، و"صراع في الوادي"، و"لا أنام".
الشهرة والعالمية سبب لخسارة حبيبة العمر
في الستينيات انقلبت حياة عمر الشريف رأساً على عقب، إذ اختاره المخرج العالمي دافيد لين، لبطولة فيلم "لورانس العرب" وهو الفيلم الذي ترشح عنه لجائزة الأوسكار، وتوالت أعمال عمر الشريف العالمية، لذا سافر إلى أوروبا وصحب معه زوجته فاتن حمامة، وبعد 5 سنوات دبت الخلافات بينهما، وتحول المنزل الهادئ إلى بيت مليء بالضجيج والصخب.
كانت ضريبة الشهرة السفر والبعد والغياب الطويل عن بيته. وكانت قد بدأت الشائعات تطارد لورانس العرب وعلاقته مع النجمات في الغرب. ما أشعل نار الغيرة في قلب الزوجة.
وطلبت منه العودة إلى مصر، لكنه رفض أن يُضحي بحلم العالمية من أجلها ولهذا السبب وقع الطلاق بينهما في عام 1974. لكن قصة الحب لم تنتهِ، فظل لورانس العربي عمر الشريف يحب سيدة الشاشة العربية حتى مماته.
كيف يصف عمر الشريف زوجته فاتن حمامة؟
يذكر عمر الشريف في مقال كتبه بنفسه لمجلة "الكواكب" في الثاني من آب\أغسطس 1960 تحت عنوان "زوجتي فاتن حمامة" قال فيه:
" وربطت المقادير بين قلبينا برباط الحب الذي توجناه بالزواج، فكانت أسعد لحظات حياتي اللحظة التي ضغطت فيها على يد فاتن بعد عقد القران وأنا أقول لها «مبروك زواجنا». وقبل أن أتزوج «فاتن» وعندما وقفت أمثل أمامها أول مرة، سألني المخرج يوسف شاهين: «ما رأيك فيها؟» فقلت له إنني لا أعتقد أن هناك ممثلة عظيمة كهذه الفنانة.
وبعد أن عدت مع فاتن من باريس بعد شهر العسل، سألني صديق: ما رأيك في الزواج؟ فقلت: «إنني أسعد زوج في الوجود".
ويضيف عمر الشريف في رسالته:
"ومضت الأيام وأنا ما زلت على هذين الرأيين. إن فاتن أعظم فنانة، وأنها أكمل زوجة. كلما أشرق علينا يوم جديد طالعتني بسعادة جديدة. ونجاح فاتن على الشاشة يرجع إلى فهمها الدقيق للطبيعة البشرية، وهناك مواقف لم تتعرض لها فاتن في الحياة الواقعة، ولكنها إذا طلب إليها أن تمثلها أتقنت أداءها بصورة تدعو إلى الدهشة، ومرجع هذا إلى صدق فهمها للطبيعة البشرية وإلى إحساسها بالإنسانية إحساساً بالغ الدِّقَّة."
دفن حبها في القلب حتى الممات
ظل عمر الشريف يردد حتى وفاته أنه لم يحب أو يتزوج بعد فاتن حمامة قائلاً: "هي المرأة الوحيدة في حياتي وحبي الأول والأخير"، مؤكدا أن الانفصال سببه بقاؤه في هوليود ورفضها أن تترك حلمها وعملها في مصر.
توقيت الرحيل جمعهما أيضاً
ويشاء القدر أن يجمعهما في الوفاة للمرة الثانية، اذ توفيت فاتن حمامة في كانون الثاني\يناير 2015، بعدها أصيب عمر الشريف بمرض الزهايمر ثم رحل في نفس العام ليخلد ذكرى حب عمر الشريف لفاتن حمامة في قلوب الجمهور.