TRENDING
كلاسيكيات

في ذكرى رحيلها.. قصة ابنة أماليا أبي صالح بالتبني التي لم تجد قبراً يحتضنها

في ذكرى رحيلها.. قصة ابنة أماليا أبي صالح بالتبني التي لم تجد قبراً يحتضنها

تحل اليوم الذكرى العاشرة لرحيل الفنانة القديرة أماليا أبي صالح. صاحبة الضحكة التي لم تغشنا يوماً ولم تستسلم بالرغم من ظروف القهر التي عاشتها.

كان خلف ابتسامة أماليا الكثير من الحزن. ومع كل ضحكة هناك غصة وألم. حكايتها تبدأ مع إنسانيتها العالية ورقتها التي لا توصف.

فهي التي تبنت طفلة بعم ر3 سنوات أسمتها جيسيكا وعاشت معها في كنف البيت كفرد من عائلتها. لكنها رحلت دون أن تتمكن من استخراج أوراق ثبوتية لها. والمحزن أكثر في القصة أن البنت الخالية من أوراق ثبوتية أيضاً رحلت دون أن تجد قبراً شرعياً يضم جثمانها.

احياناً كثيرة يصدمك كيف أن الإنسانية والتعاطف أكبر من القانون وأعمق وأكثر رأفة.  وإنسانية أماليا كانت فوق هذا وأكبر.


حكاية الطفلة المتبناة

بدأت الحكاية بعد أن فقدت الطفلة ابنة الثلاث سنوات أهلها في حادث طائرة في قبرص، وكان اسمها جمانة محمد سعد الدين.

ويعود تاريخ القصة إلى منتصف الستينيات، قبل أن تقترن أماليا بزوجها محمد دمج، إذ فقدت جمانة التي بات اسمها "جيسيكا" وهو الاسم الذي اعطته لها الفنانة أماليا، أوراقها الثبوتية التي كانت بحوزة والدتها، بعد أن احترقت خلال الحادث الذي تعرّضت له مع زوجها.

لم تكن بلاد الأم الجامايكية التي كانت تعمل كمدّرسة في الجامعة الأميركية في بيروت، تملك قنصلية أو سفارة في لبنان، بسبب الاستعمار البريطاني لبلادها، فكان التوجه يتم عبر السفارة البريطانية لتخليص المعاملات. وبعد وفاة الوالدين، قررت أبي صالح تبنيها، لشدة وفائها لأمها أي صديقتها المقرّبة.

 وعندما تزوجت أماليا من غير دينها زواجاً مختلطاً، حاول الأخير وضعها على خانة عائلته لكنه لم يستطع، بسبب انتمائه الى الديانة الإسلامية. لكنّ أبي صالح استطاعت استثمار شهرتها في التمثيل والظهور التلفزيوني، لتقنع مدرسة "غران ليسيه" وقتها بتسجيل جيسيكا هناك من دون أوراق ثبوتية، إلى أن أتت الحرب الأهلية.

وبعدها، بدأت بقرع كل الأبواب، وزارت الرئيس الراحل الياس الهراوي كذلك الرئيس إميل لحود الذي قال لها آنذاك إن الأمر يحتاج إلى قرار من رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة.

 وبسبب المناكفة والكيدية بين الطرفين، عادت أبي صالح خائبة من جديد، إلى حين دخول لبنان فترة الفراغ الرئاسي، ومجيء ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في العام 2008، ودخولها في دوامة المرض والعجز.

ورحلت أماليا دون أن تحقق أمنيتها في إصدار أوراق ثبوتية لابنتها.


رحيل جيسيكا

المؤلم أكثر هو عندما رحلت جيسيكا في عام 2022 عن هذه الدنيا، متوفية أثناء نومها، كان من الصعب إيجاد قبر يضم جثمانها. حاول ربيع دمج ابن الفنانة أماليا جاهداً إيجاد قبر لها وكتب في حينها على الفايس بوك:  

 "حزني مش من ارادة الله ابداً بل من ظلم الحياة. ما عم بيقدروا اخواتي يدفنوها لأن بدن اوراق".

إلا أن بلدية برجا سمحت بدفن الراحلة جيسيكا، فكتب ربيع: "شكراً لبلدية برجا ضيعتي واهلها الطيبين، البلدية ما طلبت أي اوراق تعريف عن جيسيكا ولا كان همن شو دينها بخلاف معظم مدافن بيروت، وتم السماح بدفنها بقبر جدي ابو والدي، والوالد هو لي طلب بدفنها بقبر العيلة لانها بنتو رغم كل شي بكفي هو رباها والله ما عطاه بنات بس صبيان".

لا الحياة كانت منصفة مع الفنانة التي كانت صاحبة وفاء وإنسانية ولا الموت كان رحوماً لها، في دولة مازالت تفضل العنصرية والتخلف على الحق والعدل والإنسانية.

 

يقرأون الآن