في ليلةٍ تشبه عودة صوتاً كان غائباً خلف الذاكرة ، دعا الفنان علاء زلزلي أهل الصحافة والفنّ إلى أمسية إطلاق عمله الجديد الذي يحمل عشر أغنيات… عشر نبضات موسيقية يقدّمها كثمرة نضجت بعد غياب متقطّع عن الساحة.
في فندق كمبينسكي – قاعة البالرووم اجتمع فنانون وأصدقاء وجمهور ومحبّو الفنان كأن الزمن أعاد ترتيب نفسه ليتيح لهذا الرجوع أن يمرّ برهافة واحتفال يليق بنجمٍ عرف كيف يترك بصمته… وكيف يحافظ عليها.
على المسرح، بدا صوته كما عهدناه قبل عقود: نضِراً، شاباً متدفقاً حيوياً، نقياً، لا تشوبه علامات السنوات. غنّى مقاطع من أغاني الألبوم، ورافقه في بعضها الملحّن وسام الأمير الذي قدّم له باقة من الأعمال بينها: «يا رب يا ساتر»، «يا مجرمة»، «دوا دوا»، «إنتِ إلي»، «أبعدي سكتة»، «اختار قلبي".

من "طريق القدر"… إلى دروب العودة
كان عام 1990 بدايةً لخطّ استثنائي حين أطلق زلزلي شريطه الأول "طريق القدر"، ومعه انطلقت مسيرته نحو نجومية سريعة لافتة. جرأته، شكله المختلف، حركته فوق المسرح، واندفاعه في الأداء دفعت المخرج الراحل سيمون أسمر إلى تلقيبه بـ "نجم الشباب"، ثم توالت الألقاب من كبار الإعلام والصحافة:
روح الهوى والشباب، ملك المسرح، زلزال المسارح، ألفيس الشرق، سفير فيرساتشي في الخليج…
شكل يومها علاء زلزلي حالة. وكرس نفسه فناناً يملك تلك "اللمعة" التي مست أبناء ذاك الجيل .
رحلة العودة
قبل سنوات نحسبها قليلة وهي ليست كذلك ،كان اسمه يحتلّ شاشاتنا، صفحات المجلات، الساحات، المهرجانات. كان وجهاً من وجوه التسعينيات المضيئة: حياة، حب، فرح، طاقة، وخفة ظل. أحببناه بوضوح، وانتقدناه بمحبة، ورافقناه بحماس… ثم تقلّبت الظروف، وغاب قليلاً، واعتقدنا أن رحلته اكتملت.
عاد قبل سنوات ليستعيد حضوره شيئاً فشيئاً، إلى أن فاجأنا اليوم بهذه الأمسية التي بدت كأنها مرحلة ثانية من العمر نفسه.
سهرة تُشبهه… وعودة تحمل ملامحه
وقف زميلنا زكريا فحّام ليقدّم الفنان الذي حصل على ألقاب كثيرة كأن الزمن أخذ راحة قصيرة ثم عاد إلى مكانه. بحضور ممثلين وموسيقيين وإعلاميين ومنتجين وعشرات من الوجوه الفنيّة، وقف علاء بزخم حضوره القديم: وسامته، أناقته، وتسريحة شعره طيبته، وظرفه. تحدّث عن ذكرياته، وعن محطّات صنعَتها معه والدته الراحلة التي بنت له شبكة محبة وجسوراً ثابتة في الوسط الفني.
ثم غنّى… وهنا حدثت المفارقة الجميلة:
صوت لم يبرد، حضور لم يخفُت، وروح ما زالت تحمل طاقة البدايات. بدا وكأنه أجرى "مونتاجاً" لحياته، حذف منه سنوات الغياب، وعاد من حيث توقّف… كأن شيئاً لم يتغيّر.
أغانٍ جديدة… وروح قديمة تعود في ثوب جديد
أغنيات الألبوم ليست خروجاً عن مساره، بل امتدادٌ طبيعي لحكاية فنان لم يساوم على صوته ولا على جذوره ولا على لونه بل عاد بتلك الإيقاعات الصاخبة وروح الفرح بتعاون مع كبار الملحنين.
من «أحلى عيون»، «وحشتيني»، «حياتي مغامرة»، «مية بالمية»، «يا حنون» وصولاً إلى أعمال 2019، كان لعلاء خطّ خاص… وها هو يعود به، دون ادّعاء، دون تصنّع.
زمنٌ كنّا نظنه انتهى… يعيده صاحبه
في تلك الأمسية، أعادنا علاء إلى زمنٍ حلمنا بأنه يعود… فإذا به يعود بالفعل.
أعاد الذكريات، الأغنيات، وهج الشباب، وهواء الأمسيات التي كانت تملأ القلب خفة.