أغنية "سيدي يا سيدي" لنانسي عجرم تكسر المعهود في الأغاني لتقترح حالة. حالة فرح صاخب، متفلّت من السكون، ومصمَّم ليُستهلَك بسرعة الإيقاع ذاته الذي يُقدَّم به.
الأغنية باللهجة المصرية، من كلمات مصطفى حدوتة، ألحان عطار وتوزيع جلال الحمداوي. بإيقاعات راقصة خفيفة، تنتمي ظاهريًا إلى مساحة البهجة، لكنها تخفي خلف ألوانها سؤالًا عن التجديد، وعن رغبة نانسي في كسر صورتها المستقرة والدخول إلى منطقة أكثر جرأة وتجريبًا.

الكليب السريع الغريب
الكليب بدا غريبًا، بل ومقصودًا في غرابته: صور متتالية سريعة، لا تمنح العين فرصة للاستقرار، ألوان متفجّرة، حركات راقصة متلاحقة، ومكياج قوي يصل حد المبالغة. كأن نانسي تريد فرض حالة إبهار وإبهام تُرى دون أن تُفهم. لا تريد رواية، بل صدمة حسّية. رحلة بصرية خاطفة، تشدّ البصيرة أكثر مما تخاطب العين.
اللون كبديل عن الحكاية
في الكليب الذي اخرجه رجا نعمة لا تقوم القصة على تسلسل أو معنى واضح، بل على تراكم لوني. الذهب يلمع في العيون، وفي ثوب الشراشيب الذي يتحوّل إلى بطل بصري يرقص مع نانسي لا عليها. كثافة الإكسسوارات ، الأساور، الخواتم، التفاصيل الصغيرة ،تشبه فائضًا مقصودًا، كأنها تقول إن البساطة لم تعد خيارًا، وإن الزينة نفسها صارت لغة.
هذا الفائض البصري يتناغم مع إيقاع الأغنية السريع، الذي لا يتوقف ليشرح أو يبرر. الأغنية تعرف نفسها كأغنية رقص، لا تعد بأكثر من ذلك، ولا تخجل من هذا الخيار.

كلمات بسيطة… وملامح تعلّق أنثوي
كلمات الأغنية تراكم لفظي بدون تعقيد بل كلام يقال في الطالع والنازل دون الغوص في قوالب شعرية سميكة . كلماتها مباشرة، شبه تكرارية، تقوم على ثنائية البقاء والغياب:
اللي يسيب يسيب
وده مايسبش إيدي
واللي يغيب يغيب
ويفضل ده في وريدي
هنا، تتكشّف فكرة "السيد" لا بوصفه سلطة، بل بوصفه الثابت، الحاضر، المختار من بين الجميع. رجل لا يُنازع، لا يُستبدل، بل يُعلن عنه كخيار نهائي وسط عالم متقلّب. التكرار في مقاطع «بيبي يا بيبي» يعزّز هذا التعلّق الطفولي، العاطفي، حيث الحب يُقال بإلحاح، لا بتفسير.

هل هو تجديد أم إعادة صياغة؟
نانسي في «سيدي يا سيدي» لا تغيّر جلدها بالكامل، لكنها توسّع حدوده. هي لا تهدم صورتها الناعمة، بل تلوّنها بجرأة أعلى، بإيقاع أسرع، وبمسرحية بصرية أكثر تطرفًا. الأغنية لا تطلب الخلود، بل الحضور اللحظي. لا تراهن على العمق، بل على الاندفاع.
في هذه الاغنية، تبدو نانسي وكأنها تقول: أريد أن أجرّب، أن ألهو، أن أخرج من التوقّعات. وربما هذا بالضبط ما يجعل «سيدي يا سيدي» أغنية مثيرة للجدل وتحظى بملايين المشاهدات لأنها تحاول أن تبث المختلف والمتجدد وإثارة النظر والمخيلة . أغنية لا يمكن أن تحلل بل تكتفي بأن تكون كما هي: صاخبة، ملوّنة، وسريعة… مثل ومضة فرح لا تنتظر أن تُفسَّر.