TRENDING
Reviews

Goodbye June.. فيلم عن الوداع الأخير يفتح جراح الذاكرة الإنسانية

Goodbye June.. فيلم عن الوداع الأخير يفتح جراح الذاكرة الإنسانية

يقدّم فيلم Goodbye June، المعروض حديثًا على منصة نتفليكس، تجربة سينمائية شديدة الخصوصية عن الساعات الأخيرة في حياة مريضة سرطان، وما يرافقها من ألم صامت يطال العائلة بأكملها. الفيلم من إنتاج وإخراج وبطولة كايت وينسليت، في أولى تجاربها الإخراجية، مستندًا إلى سيناريو كتبه نجلها جو أندرز، ومستلهمًا من تجربة شخصية عاشتها النجمة العالمية مع فقدان والدتها.


قصة تجمعها اللحظات الأخيرة

تدور أحداث الفيلم في أجواء خانقة داخل مستشفى، قبيل عيد الميلاد، حيث ترقد الأم “جون” – التي تجسدها ببراعة هيلين ميرين – على سرير المرض، مدركة أن الوقت المتبقي لها محدود. قبل رحيلها، لا تطلب معجزة ولا خلاصًا، بل أمنية إنسانية بسيطة: أن ترى أبناءها مجتمعين ومتصالحين، بعدما فرّقتهم الخلافات والمسافات لسنوات طويلة.

هذا اللقاء القسري يعيد فتح ملفات قديمة، ويضع كل فرد من العائلة أمام حقيقته الخاصة مع الفقد، والذنب، والحب المؤجل.


المرض بعيون ثلاث: الابن، الأم، الزوج

قوة Goodbye June لا تكمن في الحدث، بل في زاوية الرؤية. فالمشاهد لا يراقب الألم من الخارج، بل يعيشه من الداخل عبر أكثر من منظور:

عين الابن الذي يرى أمه تصارع الموت، ولا يملك لها سوى صلاة يعرف في قرارة نفسه أنها لن تغيّر المصير.

عين المريضة التي تدرك أن ساعاتها معدودة، فتختار أن تبدو قوية ومبتسمة أمام أولادها، بينما تسمح لألمها بالانفجار في لحظات الغياب.

عين الزوج الذي يستعد لفقد شريكة عمره، يبدو للآخرين متماسكًا ولا مباليًا، بينما يعيش داخله فراغًا قاتلًا لا يُحتمل.

هذا التعدد في الزوايا يحوّل الفيلم إلى مرآة إنسانية، يرى فيها المشاهد نفسه دون استئذان.

أداء تمثيلي يحمل الفيلم

رغم أن البناء الدرامي للفيلم تقليدي في بعض مفاصله، إلا أن الأداء التمثيلي يمنحه ثقلًا عاطفيًا واضحًا. هيلين ميرين تقدم شخصية “جون” بهدوء موجع، بعيدًا عن المبالغة، بينما تنجح كايت وينسليت في إدارة المشاعر دون استدرار رخيص للدموع.

نقاد السينما أشادوا بصدق التجربة الإنسانية، معتبرين أن الفيلم يعتمد على الإحساس أكثر من الحدث، وعلى الصمت أكثر من الحوار.


بين المواساة والصفعة

لا يقدّم Goodbye June نفسه كفيلم ترفيهي، بل كتجربة وجدانية ثقيلة. قد يكون مواساة لمن يخوض معركته مع المرض، أو يمسك بيد مريض في أيامه الأخيرة، لكنه في الوقت نفسه قد يتحول إلى صفعة مؤلمة لمن لم تلتئم جراحه بعد.

ورغم الأجواء القاتمة، يترك الفيلم مساحة للتنفس، عبر لحظات إنسانية صغيرة تذكّر بأن الحب لا يختفي حتى في حضرة الموت.

لمن هذا الفيلم؟


Goodbye June ليس للجميع.

هو فيلم لذوي القلوب القوية، أما أصحاب الذكريات الحزينة والفقد غير المتصالح معه، فقد يكون من الأفضل تأجيل مشاهدته.

إنه عمل لا يُنسى بسهولة، لأنه لا يحكي قصة وداع فقط، بل يعيد إحياء وداعاتٍ ظننا أننا تجاوزناها.