أثار مشهد الاعتراف بالحب بين بطلي مسلسل «لا ترد ولا تستبدل»، دينا الشربيني وأحمد السعدني، موجة واسعة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما انقسم الجمهور بين من اعتبره معالجة درامية إنسانية، ومن رأى فيه ترويجًا صريحًا للخيانة الزوجية وتبييضًا أخلاقيًا لفعل مرفوض.
مشهد تحت النار
المشهد الذي قال فيه البطل «أنا بحبك» تحوّل من لحظة درامية عاطفية، إلى نقطة اشتعال للنقاش. فبين موسيقى تصويرية مؤثرة، وزوايا تصوير قريبة، وأداء يعتمد على الشجن الداخلي، رأى منتقدون أن العمل يدفع المشاهد قسرًا للتعاطف مع علاقة خارج إطار الزواج، متجاهلًا وجود طرف ثالث هو الزوج.
وكتب أحد المتابعين واصفًا المشهد بأنه «ليس رومانسيًا بل مسرح جريمة أخلاقية»، معتبرًا أن الإخراج جعل المشاهد «شاهد زور» على خيانة يتم تقديمها في صورة حب مستحيل.

اتهامات بـ«تبييض الخائن»
عدد من الآراء ركّز على ما وصفه بنمط متكرر في الدراما المصرية، يتم فيه تصوير الرجل الذي يحب امرأة متزوجة بوصفه «متمردًا رومانسيًا» لا «خراب بيوت»، بينما تُقدَّم الزوجة في موقع الضحية، محمّلةً زوجها مسؤولية الخيانة بدعوى الجفاف العاطفي أو الإهمال.
ويرى منتقدون أن هذا الطرح لا يكتفي بعرض الخيانة، بل يمنحها مبررات نفسية وأخلاقية، ما يؤدي إلى تطبيعها داخل الوعي الجمعي، خاصة حين تتحول المشاعر إلى قيمة أعلى من الالتزام والمسؤولية.
المرض كخلفية.. والخيانة في الصدارة
اللافت أن العمل، بحسب آراء عديدة، بدأ بقضية إنسانية شديدة الحساسية، هي معاناة مرضى الفشل الكلوي وكشف تجارة الأعضاء، وهي زاوية وُصفت بالجريئة والمهمة. إلا أن متابعين رأوا أن هذا الخط الدرامي تراجع لصالح التركيز على علاقة البطلة بسائقها، رغم كونها متزوجة.
واعتبر البعض أن الكاتب لجأ إلى «تفريغ الزوج من أي تعاطف» عبر تصويره كشخص جاف عاطفيًا، بل ورافض للتبرع بكليته رغم تطابق التحاليل، في مقابل تضخيم صورة السائق الأرمل الداعم نفسيًا، في محاولة – حسب وصفهم – لخلق توازن أخلاقي زائف.

دفاع الجمهور: الدراما لا تُحاكم
في المقابل، دافع فريق آخر عن المسلسل، معتبرين أن الدراما ليست مطالبة بتقديم نماذج مثالية، بل بعكس الواقع كما هو، بما فيه من ضعف وتناقضات. وأشاروا إلى أن العمل لم يُظهر الخيانة كفعل مكتمل، بل كصراع داخلي، وأن تحميل المسلسل مسؤولية السلوك المجتمعي «مبالغة في الوصاية».
كما رأى البعض أن غضب البطلة من زوجها بسبب رفضه التبرع بكليته، حتى مع غياب الحب، يعكس أزمة ثقة وشراكة، لا مجرد رغبة عاطفية بديلة.

سؤال أخلاقي مفتوح
يبقى الجدل حول «لا ترد ولا تستبدل» أبعد من مشهد أو مسلسل، ليطرح سؤالًا أعمق:
هل تكتفي الدراما بعرض الواقع، أم أنها – بحكم أدواتها – تعيد تشكيله أخلاقيًا؟
وهل يصبح المشاهد شريكًا في الفكرة حين يُدفع للتعاطف مع الخيانة بوصفها «وجهة نظر»؟
بين من يرى العمل مرآة للواقع، ومن يعتبره إعادة تلميع لسلوك مرفوض، يظل المسلسل نموذجًا جديدًا لصدام متكرر بين حرية الدراما وحدود المسؤولية الاجتماعية.