فجرت الممثلة الكندية كلير بروسو، البالغة من العمر 48 عاماً، عاصفة من الجدل القانوني والأخلاقي، بعد لجوئها إلى المحكمة العليا في أونتاريو للمطالبة بحقها في الحصول على "المساعدة الطبية على الموت". وتأتي هذه الخطوة الجريئة بعد صراع مرير خاضته الفنانة لأكثر من ثلاثة عقود مع اضطرابات نفسية حادة، فشلت معها كافة محاولات العلاج والتعافي.

ثلاثة عقود من الصراع خلف الأضواء
بدأت مأساة بروسو في سن الرابعة عشرة، حين شُخصت بالاكتئاب الهوسي، لتبدأ رحلة طويلة من المعاناة مع القلق المزمن، واضطرابات الأكل، والشخصية، واضطراب ما بعد الصدمة، فضلاً عن إدمان المواد المخدرة. ورغم محاولات الانتحار المتكررة التي وصفتها في رسالة مفتوحة بأنها "لا تُعد ولا تُحصى"، خضعت الممثلة لعلاجات مكثفة على يد أبرز الأطباء النفسيين في أمريكا الشمالية، إلا أن الأفكار الانتحارية ظلت تلازمها كظل لا ينفك عنها.
نجاح مهني باهر وانهيار داخلي صامت
رغم هذا الصراع الداخلي المحتدم، استطاعت بروسو بناء مسيرة فنية واعدة؛ فمن تفوقها الدراسي في مونتريال إلى دراسة المسرح في نيويورك، وصولاً إلى العمل بجانب نجوم عالميين مثل جيمس فرانكو ودانيال ستيرن. غير أن بروسو كشفت عن الوجه المظلم لهذا النجاح، مؤكدة أنها كانت تقضي نهارها في مواقع التصوير بكل احترافية، لتعود ليلاً إلى غرفتها في حالة من الانهيار التام، تمزق ملابسها وتغرق في نوبات بكاء وتفكير في إنهاء حياتها، مما يثبت أن الأضواء لم تكن كافية لتبديد ظلامها النفسي.

المنعطف الأخير والصدام مع القانون الكندي
بعد محاولة انتحار أخيرة ومروعة عام 2021، قررت بروسو أن تنهي حياتها بطريقة "قانونية وطبية"، إلا أنها اصطدمت بالتشريعات الكندية التي تمنع حالياً تقديم المساعدة على الموت للمرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية فقط، حيث تم تأجيل تعديل هذا القانون حتى عام 2027. هذا المنع دفعها لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة، معتبرة أن القانون الحالي "تمزيي" ويحرمها من حق اختيار موعد وكيفية رحيلها، أسوة بالمصابين بأمراض جسدية غير قابلة للشفاء.
انقسام طبي ونقاش أخلاقي محتدم
لم تكن الدعوى القضائية وحدها محل الخلاف، بل انقسم الفريق الطبي المشرف على حالتها بشكل حاد؛ ففي حين أيدت الطبيبة غايل روبنسون قرار الممثلة كحل لمعاناتها التي لا تنتهي، يرى الدكتور مارك فيفرغراد أن هناك دائماً فرصة للتحسن وأن "الموت الرحيم" لا ينبغي أن يكون الخيار الوحيد لمريضة نفسية. تضع هذه القضية القضاء الكندي أمام اختبار تاريخي للفصل بين حرية الفرد في تقرير مصيره وبين مسؤولية الدولة في حماية الحياة.