عرض المصمم اللبناني جورج شقرا مجموعته لربيع وصيف 2024 في أسبوع الموضة في باريس، مجموعة أرادها سحرية تعلو فوق الواقع وتذهب بعيداً في حالة من التصوّف الجمالي.
لغته كانت السحر المشوّق لأثواب تخاطب البصر والبصيرة، في كل تفصيل يروي حكاية: أثواب تتطاير، أذيال تجر، زخارف تنقش، خطوط هندسية متنوعة.
طرحات تتموّج فوق القامات الفارعة. حرائر وزخرفات وفجوات وألوان متداخلة.
مجموعة لا تقف عند حدٍ واحد بل أرادها سرداً بصرياً لأثواب راقية، ابتدعها لتصبح لغة الواقع بنكهة الخلود.
فتح ألوان الأطياف كلها أبيض، أحمر، رمادي مغمس بالضوء، وفاض في اللون الملكي البنفسجي الفاهي لون الملوك ولون الاستعصاء ولون النبلاء، وجعل منه حكاية تروي الحكمة والشجاعة والغموض.
عرض نادر في حلقة الوصف، ألهب العرض بالضوء والرقة والانسياب المطروح على طول المسرح.
أرادها مجموعة سوريالية تذهب أبعد من الواقع. اشتق الروح من الأعماق وسطرها أثواباً لامرأة تريد التعبير بشكل أعمق عن دواخلها.
ابتكر شقرا أنماطاً هندسية للثوب، فلا الخصر محزوم، ولا الأكتاف للتماسك، ولا القبة للعنق. بل راح يغيّر في مفاهيم الثوب يفرد كثيراً ويجمع القماش على هواه فوق الجسد المرأة، بانياً هندسة جديدة للأكمام والجذع والرفول الذي أسهب فيه كثيراً.
جاء بهذا العرض كأنه يؤلف كتاباً جمالياً غير معهود، غطى وكشف وزخرف وتناثر وأعطى القماش بعداً روحانياً، وهو يجره خلف القامات المتعالية.
لا ثوب يشبه الآخر في هذا العرض، فكل قطعة قائمة بذاتها لها خصوصيتها لوناً ونقشاً وهندسة، اجتمعت كلّها في كفة التفرّد والمغالاة الأنثوية.
هنا الرقة والسطوة والأنوثة هي التي تصنع روح العصر وحركته الفنية.
فبين صوفية الروح المنزّهة والغموض الذي يعلو فوق الواقع في نبرة سوريالية واضحة، بنى عمارة أزيائه لصيف من عمق الفن.