من منّا لا يحب المحامية المثيرة للجدل أناليس كايتينغ التي أدّتها ببراعة النجمة العالمية فيولا دايفيس في سلسلة Who to get away with murder؟
محامية قوية، تحمل بداخلها ندوباً، كلما انهارت وكادت تستسلم، تشدّها قوّة داخليّة إلى عدم الاستسلام، عانت من طفولة قاسية تركت في نفسها الكثير من التداعيات، وعندما كبرت قرّرت أن ترفع الصّوت عالياً، تدافع عن المظلومين وغالباً تنتصر.
وكأنّ فيولا لعبت يومها قصّة حياتها، حيث ولدت في منزلٍ متداعٍ، ذاقت كل صنوف العذاب، قبل أن تتحوّل إلى نجمة يعشقها الملايين.
تحتفل فيولا اليوم 11 آب\أغسطس بعيد ميلادها الـ 58، أكثر من نصف قرن سطّرت فيها رحلة كفاح نستعرض أبرز محطاتها.
طفولة بين الفئران
ولدت فيولا ديفيس في 11 آب/أغسطس 1965 في منزل جدّيها في ولاية كارولينا الجنوبية. وكان والدها دان ديفيس مدربًا للخيول. أمّا والدتها ماري أليس، كانت خادمة وعاملة في المصنع وناشطة في مجال الحقوق المدنية.
بعد شهرين من ولادة فيولا، انتقلت العائلة إلى رود آيلاند وأخذتها مع شقيقتين لها، وتركت شقيقها وشقيقتها الأكبر مع جدها.
عانت الفقر والعنصرية والتنمّر منذ طفولتها بسبب لون بشرتها الداكن، واستمرت المضايقات حتى سنواتٍ كثيرة قبل أن تتبدّل حياتها تباعًا.
وفي إحدى تصريحاتها، قالت فيولا إنّها عاشت فقيرةً ومذلولةً بين الفئران حتّى أنّهم كانوا يعانون من نقص الغذاء العرضي.
ولفتت فيولا إلى أنّ الفقر تسبّب في التأثير على عقلها وروحها أيضًا، إذ جعلها تقدّر كل شيء تمتلكه الآن، لأنّها لم تستطع أن تمتلكه قبل ذلك.
وفي إحدى تصريحاتها، قالت إنّ رائحتها كانت دوماً نتنة، وأنّ شعورها بالشّبع كان حلمًا بعيد المنال، لذلك صنفت نفسها على أنها من بين "الفقراء غير المرئيين".
مسيرتها الفنية
في كتابها الذي تلخّص فيه تجربتها الشخصية في الحياة وفي الفن، "We were po. That's a level lower than poor"، تقول فيولا إنّ كل المصاعب التي واجهتها لم تكن عقبة في طريق حلمها بالتمثيل.
ذكرت في الكتاب أنها كانت تلوذ مع شقيقتها بالتخيّلات مهرباً من واقعهما، خصوصاً عندما تشتد المصاعب عليهما، بما في ذلك لحظات العنف القاسية التي كانت تواجهها جرّاء تعنيف والدها أمها وخوفها الدائم من أنه سيضربها مرّة حتى الموت.
وإنْ كان الخروج من الفقر استغرق عقوداً فإن حجز مقعد في عالم "هوليوود" لم يكن بالأمر اليسير، خصوصاً في ظل تحكّم وكالات التمثيل بمسار الممثلين. ولذلك لم تحصر ديفيس نفسها بالتمثيل، بل اختارت أيضاً خوض مغامرة الإنتاج، واصفة إياها في واحدة من مقابلاتها بأنها "صوتها الاحتجاجي".
حصلت دايفيس على جائزة الأوسكار، وجائزة إيمي، وجائزة توني مرتين، لتصبح أول ممثلة سوداء تحصل على التاج الثلاثي للتمثيل. كما حازت على تصنيف مجلة التايم الأميركية كواحدة من المئة الأكثر تأثيرًا في العالم في عام 2012 وعام 2017
دعمت القضية الفلسطينية
رفضت ديفيس العنصرية في الولايات المتحدة، وساهمت في العديد من الحملات التي تحترم حقوق الإنسان، وحتى بالقضية الفلسطينية.
ونجحت في تحويل كلماتها في حفلات عديدة لتسلم الجوائز إلى منصة للتعبير عن آرائها. وتقول ديفيس في أحد تصريحاتها: أشعر بأنه واجب الجميع الحديث عن الظلم السياسي. ولأن الاختبار الحقيقي كان يرتبط بأشد القضايا عدالة وتعرّضها لمحاولات الطمس، فإن صوت ديفيس كان لصالح القضية الفلسطينية.
وفي خضم الاستهداف الإسرائيلي لأهالي حي الشيخ جراح في القدس في عام 2021، وعبرت عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية، وكتبت عبر حساباتها الرسمية: "دعونا نتحدّث عما يجري في حي الشيخ جراح"، ساردة حقائق عديدة عن الجرائم الإسرائيلية. وعندما اغتال الاحتلال بدم بارد المراسلة شيرين أبو عاقلة كان صوت ديفيس المندّد بالجريمة حاضرًا أيضًا.
فيولا دايفيس ليست مجرد نجمة شهيرة ومنتجة تقدّم أعمالاً تحفر في الذاكرة، بل هي تجربة حياة ملهمة، لامرأة لم يكن لديها شيء، ثم بات لديها كل شيء، فتعلّمت أن تقدّر قيمة كل ما تحصل عليه، وأن تقف في كل مرّة تقع فيها لتبدأ من جديد.