"نعمة الأفوكاتو" قصة خيالية مي عمر بطلتها.. وهذه ملاحظاتنا حول نهايته

عقد مسلسل "نعمة الأفوكاتو" نهايته على وقع السعادة. خرجت نعمة "مي عمر" من قوس المحكمة منتصرة بتحقيق العدالة وجلب حكم الإعدام لزوجها القاتل صلاح "أحمد زاهر". واكتملت الصورة بمخاض الحمل على درج قصر العدل لتلد طفلها وتتزوج من ياسين الألفي "عماد زيادة" الذي أحبها بكل جوارحه.

تربع هذا المسلسل خانة النجاح خلال عرضه المؤلف من 16 حلقة. فالعمل غرد خارج السرب الرمضاني السائد. البيئة التي تضم أحداث القصة هي بيئة طيبة متواضعة ومن لحم الناس العاديين. الكل فيها متضافر ضد الشر يحارب الخطأ وينتصر للصواب.

البطلة لم تكن كالظهور المعتاد بطلة دلع وجمال بل بطلة خصال وأخلاق ومروءة. وكل من حولها يشاركها هذه الصفات. فالأضواء سلطت على روح الناس الطيبين كلمتهم قاطعة كسيف ووعودهم ممهورة بالحق والنخوة.

ففيض هذا العطر الذي اتصف به العمل منذ بدايته وحتى نهايته يصور كيف ستدور الدائرة على أهل الباطل والنفعية وقلة الشيمة. وفي وجههم محامية طرقت باب العدل بالأصول والدفاع عن الحق وليست كما يصور دوماً بأن المحامي نصاب ومفتري وانتهازي.

هذه القصة التي فيها من كل شيء هي صورة مصغرة عن الناس العاديين ببساطتهم وأفكارهم وهواجسهم. لم تكن قصة محاكة حول انتصار الضغينة والجريمة بل كيف ينقض الفارس على عدوه ويقوضه ببسالة. والفارس هنا امرأة تحمل التاء المربوطة وتزينها بالشجاعة والقوة وتحت مخافة الله.

كل عناصر النجاح توفرت، البطلة سيدة عادية من حواري البيئة الشعبية تتحلى بالرصانة والأصالة مجردة من كل شيء إلا من كرمها ونخوتها. مكتفية بالقليل متقشفة في مطالبها إلا في عزتها ونبلها. وهذا الخط جعل من نعمة بطلة يتماهى معها الناس ويتعطشون لتكون زوداً عنهم وقريبة من أحلامهم.

تضافرت الشخصيات الصالحة في العمل على عكس المعهود عندما تتكاثر الشخصيات الرديئة لتكون هي المحور. هنا الخير فيض والشر غيض. وأتت الخاتمة بالاقتصاص من المجرم وسيادة الأجواء الحالمة.

قد تبدو هذه الحكاية خيالية بما فيها من ورود منثورة، بمواجهة العديد من الحكايات الخيالية بما فيها من طغيان أشواك السوء. فتصدرت الذائقة.

قد بدا حضور مي عمر فاقعاً كبطلة لا يتنازع معها أحد، متصدرة المشهد بأكمله مما خبا بالعمل أكثر مما أناره. حتى الشخصيات التي يمكن أن يكون لها شأن ضمر دوره لصالح مواعظ نعمة التي يمكن أن تنثر في أحلاق من حولها من أب معلم وحبيب متيم وصديق عفيف وجار منصف.

وكأن هذا العمل قد شفر وتقلّم ليكون لها وحدها بطلة لا يقارعها أحد تصول في حلبة الحلقات، مما حدا ببعضها أن يكون فارغاً ومملاً ومتململاً لكن أتت النهاية متخمة بالأحداث فأنقذت هذه المراوحة التي طالت قبل القفلة.

لكن يبقى إن مي عمر نجحت في تجسيد هالتها بتنوع شخصيتها بين العفة والقوة والثأر وأخيراً في مشهد السيدة الرفيعة المكانة متشحة بمظهر الأناقة العالية.