TRENDING
مروان خوري في

مروان خوري

مروان خوري الذي شرب من مياه عمشيت ونحن ارتوينا.

هو الذي عاش في بصرة لبنان وعرف نخيلها وكل من تعاون معه تفيّأ بظله.

تعرفه حيثما حلّ، كلمته طرية مثيرة ويانعة، ولحنه كالماء قادر أن يأخذ حجم المواعين مهما كان شكلها أو حجمها.

مروان خوري ابن هذا الزمن الذي فصّله كما يشاء وابتكره كما يحب. كتب الحياة أغانٍ ولحنها حتى تصبح أجمل.

لا يشبه أحداً ولا يكتمل إلا بروحه. راح يكتب قصائده ومن ثم يلحنها ويعزفها وينشر عالمه على أسماعنا.

آخر أغانيه "يسلملي اللي بغار"، بسيطة الكلمات لكن لا نفكر فيها إلا اذا كان عقلنا ميكروسكوب. يدخل في تلك التفاصيل المخفية. يذهب أكثر نحو تلك الأمور البديهية لدرجة أنّنا لا ننتبه إليها.

يغني للبساطة، لتلك المرأة البريئة التي ترضى بغمرة، بقبلة. يعيدك إلى بدايات الروح، إلى أول فكرة نضجت في الرأس، إلى أول حوار مع الحبيب. ثم يفرد موسيقاه كأنه يبتهل، كأنه يبتسم. بريئة هذه الأغنية ومزاجها مرح كأنها أرجوحة تطير في الفضاء.

الشاعر قادر أن يكتب عن كل شيء لكن برؤيته وروحه، ومروان قادر أن يكتب عن هذه التفاصيل التي لا نراها ولا ننتبه لها. لأنه شاعر في الفطرة. وقادر أن يلحن ما يشعر به حتى تكتمل القصيدة، وتصبح نغماً راقصاً للروح قبل الجسد.

"يسلملي اللي بغار" ليست أكثر من نجمة تضاف الى سماء ليله المتلألئ بالنجوم، سواء هو الذي غنى أم سواه. بصمته معروفة، يشد أوتاره جيداً لأنه يحب ان ينقر على الروح. قد نسرح وقد نغوص وقد نعبر وقد ننسى، لكن بالتأكيد سنطرب خلال تجوالنا مع الذات أو مع الأخرين.

هو راهب الفن ولو تزوج مؤخراً. هو في صومعته يؤلف ويحوّل كل شيء إلى نغم. ينشر ألحانه على كل سائل، وعندما تنضج قريحته يغني هو. هدوؤه يشي بروح الرهبنة، صوته المنخفض، ألحانه التي تضج من عمق الأعماق، دفئه فيه شيء من الصلاة.

تجده ينتفض أحياناً وكأنه يريد كسر الهيكل كما أكثر أغانيه التي غنتها كارول سماحة" طلع في هيك"، أو "حدودي السما". ثم يأخذك نحو شاطىء أخر أكثر سلاسة وأكثر رحابة، ويخلق لنفسه مكانة في صوت الفنان الذي يتعامل معه، ويجعله يلد من جديد، كما أغاني نجوى كرم التي لا تشبهها بل تشبه مروان أكثر مثل أغنية "بنوب" و"شو مغيرة". وشّمه لا يخزل سامعه ودوماً يرفع من معه درجة نحو العلا.

"يسلملي اللي بغار" أهم من الكليب، فروح الأغنية أوسع من تلك المحاكاة والورود. قادرة أن تخلق في سامعها جواً أوسع وألطف وأبعد مما رأينا. ربما لأننا نشعر بالأغنية سمعاً أكثر منها بصراً.

يقرأون الآن