TRENDING
شيرين عبد الوهاب في ليلة الدموع.. نجحت في ردم أمسها

شيرين عبد الوهاب في ليلة الدموع

في ليلة الدموع كانت شيرين عبد الوهاب المفاجأة...

كل شيء كان جاهزاً، مسرح يلمع بالأضواء، جمهور يسكره الشجن، منصة لا يعتليها إلا أصحاب القلوب، كورال روح الشرق بروحه، والمايسترو هاني فرحات يحمل عصا النشوة.

كانت المفاجأة تطل بثوبها الداكن الفاتح بترصيعه، تجر أذيال الفخامة تقف خلف الميكروفون، ترفع أول آه ويترنح الجمهور على وقع صداها. تعود مغسولة من كل شيء إلا من الطرب، إلا من ذاك الشجو الذي يعيدنا إلى المكان الذي تركتنا فيه.

شيرين عبد الوهاب في "ليلة الدموع " أو على الأصح كانت ليلة الشجن، من قلب جدة من شواطئ البحر الأحمر، من بعد نبض عن النخيل الفارع. وقفت تحمل صوتها وترش عبق النغم تطرب الطرب. أنستنا الأمس بكل جلجلته، أنستنا ذاك الحقل الوعر الذي مشته حافية، أنستنا أنها كانت نائمة ومن الصعب إيقاظها، أنستنا أن لها وقعات.


نهضت بكل تألقها غنت كما تفعل في ليالها الملاح، لم تهدأ حنجرتها ولم يهدأ جمهور أصغى حتى آخر دمعة، حتى آخر رشفة من كأس المساء.

المفاجأة لم تكن بأنها حضرت على غير موعد معلن، بل كيف استطاعت أن تشق الثمرة وتُطعم اللب.

كيف تجرّدت من كل تلك الإرهاصات وعادت منارة على مسرح الغناء.


شيرين جاءت مكللة بتلك الثقة، تحمل دموعاً تريد الشفاء منها، فأعطت ليلة الدموع أجمل ما عندها وقالت لكل من سمعها أحملك دمعي ومن له أمانة من الدمع لا بد أن يستردها.

"يعني خلاص مش رح شوفك تاني مش ح لمسك.. تعبانة "، وانهمر الدمع في الصوت وصلت ملوحته عيون كل الحاضرين، دارت بهم الأرض، غطوا وجوههم، سرحوا تنهدوا ثم توحدوا تحت راية صوتها. وسكن النشيج كل المكان.


شيرين عبد الوهاب أخذت كل الهواء بالأمس، وأسكنته صدرها، ثم راحت تذوب في حالة حب متماهية.

هي تجيد قول "مع السلامة يا حبيب وبأمان وعمري ما ح قول ماضي عليك وكان". كانت شرسة بنعومتها، شرسة بظفرها، شرسة في إحساسها، شرسة كيف التقطت كل هذه القلوب في ليلها وصارت هي المشتهاة.

هذا المكان كان لها ولا يليق بها سوى مثل هذه الأماسي. لتبقى شيرين نضرة، عليها دوماً أن تكسر ما يقيدها، وما يثنيها، وترتفع من خطر التلاشي نحو الحضور المدوي.

نجحت في ردم أمسها وفاح حبق صوتها، لتبقي هذا الأمس مدفوناً، وليبقى هذا الصوت عطر الناس.

يقرأون الآن