TRENDING
جورج الراسي قصير العمر الذي أُنصِف بعد رحيله

الفنان الراحل جورج الراسي.

كان عمره قصيراً، وموته المؤثّر أصاب الوسط الفني بالصدمة، وكانت طريقة وفاته المؤلمة، بمثابة صدمة كهربائية لتاريخه الفني المغيّب، فقد عادت أغنياته للتداول، وقام فنانون شباب بتجديدها وإعادة تقديمها بعد رحيله في مثل هذا اليوم العام الماضي، عن عمر ناهز الـ42 عاماً.

في أرشيف الفنان الراحل جورج الراسي أغنيات لا تستحق أن تذهب طي النسيان وأبرزها أغنية الانطلاقة «سهر الليل» التي نسبها الكثيرون وقتها لسلطان الطرب جورج وسوف، ومن هنا ربما خسر الراسي الكثير من فرصه ليغدو نجماً في الغناء اللبناني والعربي.

أجاد الراسي تأدية الأغنيات الطربية ولعلّ التسجيلات التي تركها خلفه، تؤكد على احترافيته وجودة أدائه، التي لطالما ضاعت في الجماهيرية الجارفة للوسوف في الفترة نفسها.


عملية جراحية للحدّ من التشابه بين صوته وصوت جورج وسوف

لم يخفِ جورج الراسي يوماً عشقه للوسوف، وقد تقمّص عن قصد أو غير قصد صوته وأدائه، والمفاجأة كانت في إعلانه أنه كان مستعداً للخضوع لأية عملية جراحية بهدف تغيير طبقات صوته بقوله: «لقد استشرت عدداً من الأطباء واختصاصيي الأصوات بهدف إيجاد حلّ للحد من هذا التشابه في الصوتين، لكن الجميع أكّدوا لي أن المسألة تعود إلى خلقة الله».

وفي فترة ظهور الراسي، كان الوسوف في أوج نجوميته، وانطلقت يومها موجة من ما يمكن تسميتهم «الوسوفيين» الذين حاولوا تبنّي مدرسة الوسوف، ومن بينهم وديع مراد ورضا وخلدون سودان، وكان جورج الراسي الأقرب إلى الوسوف من حيث تشابه عمر البداية بالغناء والنجومية المبكرة. وفشلت جميع هذه التجارب ما عدا تجربة الراسي الذي شقّ طريقه نحو نجومية متفرّدة.

وبدايةً من «صبت الهدف» حاول الراسي أن يبدو مختلفاً عن الوسوف، واستفاد أيضا من توسّع ظاهرة الفيديو كليب بعد انتشار الفضائيات.


طفولته وبداياته الفنية

ولد جورج الراسي وهو شقيق الفنانة نادين الراسي، في 29 كانون الثاني/يناير 1980، في عكار شمال لبنان، ونشأ في عائلية فنية، فوالده عازف عود تمكّن من متابعة قدراته الصوتية والفنية.

اخترق نجوم الصف الأول في لبنان في أواخر التسعينيات، وفي بداياته، اختار الراسي برامج المواهب الخاصة بالأطفال، ومنها انطلق إلى عالم الغناء بعدما عُرف بـ«الطفل المعجزة».


كانت بدايته الفنية صعبه وبدأ رحلته الفعلية على يد الملحن محمد جمال عنبر وحقّقت أغنيته «لا تسألني كيف بغار» نجاحاً كبيراً عربياً. وعام 1995، التقى الراسي بالملحن سمير قبطي، وأقنعه بموهبته وقدراته، فأصبح الأخير منتجه الخاص.

وتتلمذ الراسي على يد الموسيقار المصري شاكر الموجي، الذي قام بتلحين معظم أغنيات ألبومه «حكاية». ووقّع أول عقد فني احترافي في سن الـ16.

ولعلّ من أبرز المحطات الفنية في مشواره الفني، غناؤه بصحبة الشحرورة صباح في مهرجان ميروبا، والذي أقيم في غشت، وقال الراسي أنه تعلم من الشحرورة صباح وساندته كثيراً ودعمته، وتعلّم منها التواضع والأخلاق.

عُرِف جورج الراسي بتواضعه ومحبته لزملائه في الوسط الفني، ولطالما ردّد عبارة «حبّوا بعض الحياة ما بتستاهل». وقد بادر عدد كبير من الفنانين إلى نعيه وفي مقدّمتهم جورج وسوف.

سلطان الطرب جورج وسوف ينعى جورج الراسي

نجا من محاولة اغتيال

في حزيران/يونيو عام 2016 ، كشف جورج الراسي أنه تعرض لمحاولة اغتيال نجا منها ولم تكن دوافعها سياسية أو فنية، بعد تلقيه تهديدات بالقتل لم يأخذها على محمل من الجدّ رافضاً توجيه الاتهام لأحد وقال يومها: «هناك من استأجر قتلة مأجورين ودفع لهم المال لقتلي، ويبدو أن هناك من كان يراقبني، وعندما وصلتُ بسيارتي إلى موقف السيارات، شعرتُ بأن هناك خطراً ما يحدّق بي، فنزلتُ من السيارة بسرعة، دون أن يتنبهوا إلى ذلك، وإذ بعدد من الأشخاص الملثمين على دراجات نارية، يتوجهون عكس السير نحو سيارتي من الناحية الأخرى لموقف السيارات، ويرمون البنزين عليها ويضرمون النار بها ظناً منهم أنني لا أزال بداخلها، بهدف إحراقي وقتلي، كما كانت هناك سيارة ترصد تحركاتهم».


تنبّأ بحادث وفاته وحذّر الشباب من مخاطر القيادة بسرعة

لم يكن يعلم جورج الراسي بأن سيناريو فيديو كليب أغنيته «إنت الحب» الذي طرحه عام 2016 سيتحقّق في العام 2022، فللمفارقة مثّل الراسي مشهد الحادث نفسه قبل 6 سنوات من رحيله، وكان مشهد اصطدام السيارة بحاجز في الكليب، مشابهاً لدرجة كبيرة للمشهد الذي وقع في الساعات الأولى من صباح يوم 27 آب الماضي، حيث كان الراسي عائداً من إحياء حفل في العاصمة السورية دمشق، وأثناء القيادة على الطريق الحدودي بين سوريا ولبنان اصطدم بحاجز إسمنتي أدّى إلى تدمير مقدمة السيارة تماماً، ووفاته على الفور.

ولطالما قاد الراسي حملات توعوية للشباب من مخاطر الحوادث المرورية، كما أجرى نقاشات عديدة لإيجاد الحلول للحدّ من حوادث السير... وكان يردّد عبارة: «الحياة غالية جداً، وجميلة جداً كي نعيشها».

سيارة جورج الراسي بعد الحادث الذي أودى بحياته

أخباره الشخصية طغت على أعماله الفنية

تزوج جورج الراسي من عارضة الأزياء جويل حاتم عام 2012، وأنجبت منه طفلاً يدعى جو، وبعد عدة شهور من ولادة الطفل، طغت أخبار الراسي الشخصية على أعماله الغنائية، حيث استحوذت قصة زواجه وطلاقه من جويل حاتم على اهتمام الجمهور، في ظل تراجع إصداراته الغنائية الخاصة.

ولجأت أسرة جويل إلى مقاضاة جورج الراسي، وزادت الخلافات بينهما بسبب حضانة ابنهما جو، وقد كسبتها جويل في النهاية، وهدأت الخلافات بينهما في ما بعد من أجل مصلحة ابنهما الوحيد، وقد أصدر الراسي يومها أغنية «أنت الوجود» وأهداها لابنه.


وبعد رحيل جورج الراسي، حاولت طليقته جويل حاتم التخلّص من حياتها، وأطلّت فيه فيديو مباشر معلنةً إقدامها على تناول جرعات زائدة من الأدوية المهدّئة، ووجهت رسالة إلى ابنها جو قالت فيها إن عائلة الراسي هي من دفعتها للانتحار.

وتحاول عائلة الراسي استعادة حضانة حفيدها، بعد تداول أنباء عن اعتداء والدته جويل عليه بطريقة مرعبة، معلنةً أنها قررت التبرؤ منه. وقد ظهر جو في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، برفقة عائلة والده التي احتفلت بعيد ميلاده، ضمن أجواء طغت عليها اللحظات المؤثّرة. فقد قطع جو الراسي قالب الحلوى على إيقاع أغنيات والده، ووقف أمام صورة عملاقة في الخلفية كُتب عليها عبارة «شكراً إلى أفضل أب في الكون».

جو جورج الراسي بين عائلة والده في عيده الثامن

وشارك جو جورج الراسي في القداس الذي أقيم اليوم في كنيسة القديسين سارجيوس وباخوس في جبيل، في الذكرى السنوية الأولى لرحيل والده. وقد نشرت عمّته نادين صوراً مؤثرة للطفل خلال تواجده داخل الكنيسة وفي يديه باقة من الورود البيضاء أهداها لوالده.

يقرأون الآن