TRENDING
ناديا لطفي الجميلة التي قاومت العدو ووثقت جرائم شارون

نادية لطفي (3 كانون الثاني\يناير 1937 - 4 شباط\فبراير 2020).

أيقونة السينما، وسيدة النجاح صاحبة أكثر من 75 فيلماً ليس لها سوى مسرحية واحدة ومسلسل واحد، وهذا ليس كلام عابراً أنها الشخصية التي تعرف كيف تركن موهبتها وتقول ما تريد.. جميلة الجميلات لها مواقف وأسلوب حياة عاشت لقضاياها وبنت اهراماتها في الفن كما في المواقف السياسية، مقاومة من الطراز الرفيع متفانية في كل شيء تقدمه.

شقراء السينما أتت في زمن النهضة والعصر الذهبي فكانت واحدة من أولئك اللواتي صنعن المجد وخطت مسيرة تتعلم منها الأجيال. ناديا لطفي ليست وجهاً جميلاً فحسب، بل هي وجه حمل كل تغيرات المجتمع وجه حمل شخصيات كان لها وقع التغيير في زمن البلاد كانت تخرج من استعمار وتبني مكانتها الحرة بين الأوطان.


ناديا لطفي

ناديا لطفي.. اسم استعارته من فاتن حمامة فأدخلها المحكمة

ولدت ناديا لطفي باسم بولا محمد مصطفى شفيق، اكتشفها المخرج رمسيس نجيب ولم يكن هذا الإسم ملائماً لمسيرة قادمة.

اقترح نجيب أن يكون اسمها سميحة حسين، لم تستلطف بولا هذا الاسم ووجدت انه لا يشبهها. وهي المتأثرة جدا بشخصية فاتن حمامة لا سيما في فيلم "لا انام" لرواية احسان عبد القدوس وكان اسم البطلة ناديا لطفي.

فأخذت هذا الاسم لها تيمناً بهذا الحب الكبير والإعجاب الذي تكنّه لفاتن حمامة والكاتب الشهير. وخلق هذا الاقتباس مشكلة كبيرة بين الأديب إحسان عبد القدوس والمخرج رمسيس نجيب وصلت الى المحاكم، إلا هذا الخلاف ترك خلفه شهرة واسعة للمتنازعين تناولته في حينها الصَحافة.

تقول لطفي في مقابلة لها "أخذني الكثير من الوقت حتى اعتدت على اسمي الجديد وكانوا ينادوني ولا أرد ناسية تسميتي الجديدة". وتضيف "كان من غير المعقول أن يكون اسمي بولا في الفن. فهذا اسم قديسة واسم خواجات لا يتلاءم مع واقع الفن. وكنت ازعل عندما يناديني المقربون باسم ناديا وأفضل اسم بولا الذي ولد معي".

أما لماذا سميت باسم بولا وهو اسم مسيحي وهي مسلمة فهذا له قصة أخرى. عندما كانت والدتها تلدها في احدى المستشفيات التي ترعاها الراهبات وكانت ولادة صعبة وعسيرة جداً، صودف أن اهتمت بها راهبة تدعى بولا، وكانت لطيفة جداً معها، فأطلقت الأم اسم بولا على طفلتها تيمناً بتلك الراهبة المحصنة.


عرفت بدعمها للمقاومة الفلسطينية

حياة الكواليس نضال وتمريض ووقفات وطنية

النجمة السينمائية المتألقة التي كان يتهافت كبار المخرجين على التعاون معها. لم تكن مدللة أو سطحية أو ضعيفة بل كانت تتحلى بجرأة قل نظيرها ولديها روح مقدام.

هي التي تجندت من أجل خدمة وطنها وقضاياه وقضايا الناس ومساعدتهم.

فنانة من الطراز المتفاني، لها بصمات واضحة مع أسر الشهداء عام 1967 (النكسة)، ومع الجنود في الخنادق في حرب الاستنزاف، ومع أبطال المعارك في حرب أكتوبر… ثم مع البائسين من أهل الفن، وهي تجمع لصندوق الفنانين ما تستطيع. كما عملت ضمن فريق المتطوعات في أعمال التمريض بمستشفى المعادي العسكري بعد حرب أكتوبر، إذ أقامت في قصر العيني وأسعفت الجرحى.


مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات

وثّقت مجازر صبرا وشاتيلا

هي المقاومة التي قدمت إلى لبنان اثناء حصار بيروت عام 1982، وحملت على عاتقها وجع شعب مقهور وساندت المقاومة، وقامت بتسجيل ما حدث من مجازر، حاملة كاميرا الفيديو الثقيلة تضعها على عينها حتى يزرق وجهها ونقلت مشاهداتها وتوثيقاتها لمحطات التلفزيون العالمية، مما دفع العديد من الصحف والقنوات للقول بأن كاميرا نادية لطفي رصدت ما قام به السفاح الإسرائيلي شارون، في صبرا وشاتيلا.

قال عنها الشاعر الفلسطيني الشهير عزالدين المناصرة: “نادية لطفي، كانت امرأة شجاعة، عندما زارتنا خلال حصار بيروت عام 1982، وبقيت طيلة الحصار، حيث خرجت معنا في “سفينة شمس المتوسط اليونانية”، إلى ميناء طرطوس السوري، حيث وصلنا يوم 1 أيلول من العام ذاته. قالت عنها الصحافة العالمية: "لم تكن مع نادية لطفي كاميرا، بل كان مدفع رشاش في وجه قوات الاحتلال".

حملت ناديا لطفي همَ القضايا الوطنية حتى آخر يوم من عمرها، فهي التي بقيت تطوف لشهور بنفسها على العديد من عواصم العالم، لتعرض ما قام به “شارون” في ذاك الوقت من أعمال عدائية، إلا أنها في النهاية توقفت بسبب ظروفها الصحية، التي لم تعد تسمح باستمرارها.


مكرمة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس

بعدها قرر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات زيارة النجمة في منزلها وأهداها شاله، تقديراً منه لموقفها في دعم القضية الفلسطينية، وهو ما جعلها فخورة جداً، كما اعتذرت عن عدم التكريم من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكانت ترى أن زيارة الرئيس الفلسطيني تكفيها ولا يعادلها تكريم آخر.

كما منحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وسام القدس تقديراً لدعمها للقضية الفلسطينية.

هي من زمن الكبارٍ في الأدب والسينما، من زمن الانقلابات والتحولات والحريات، ناديا لطفي التي أغنت الفن بحضورها وقامتها المتميزة وكانت علامة في الجمال والحرفية والعمق والوطنية. فنانة قلَ نظيرها.

يقرأون الآن