TRENDING
كاظم الساهر لو لحّن الجريدة ستصبح أغنية تتناقلها الألسن

كاظم الساهر

يصادف اليوم 12 أيلول\سبتمبر عيد ميلاد الفنان كاظم الساهر الـ66.

أدركته الموسيقى فشكّلته وانتشلته، وكان لها أميناً وقيصراً. ولد مع الفقر وحوله تسعة أخوة والقلة عاشرهم. امتهن الصبر مبكراً فباع المثلجات وعمل في النسيج وعند أول ادخار كانت قيمته 12 دينار، اشترى غيتاراً وراح يشد أوتاره فشكل أول نغم بعنوان "اين أنت"، هذه الأغنية هي البداية التي منها سيوسع الفضاء ألحاناً وغناءً.

وصل ابن الموصل لأن يكون رفيق العاشقين والمحبين والمكسورين. وزع نداه على كل القلوب المتعبة فرطبها. تقاسم النغم مع المتعبين فصاروا صوته. ألف الموسيقى فوصلت أخر أصقاع الدنيا.


له فتحت المدن ونال مفاتيحها. حصل على جوائز رفعت له قمماً. أعطى الفن ملاحم شدو وقصائد ملحنة وصوت يشكل الروح في الروح. لم يقترن أسمه بقصيدة إلا وخلدت. لم يقترن لحنه بأغنية إلا وصارت على كل شفة ومسمع.

معه صار الشاعر نزار قباني في كل ذاكرة معه خلد الشاعر الذي رحل عن دنيانا قبل أيام كريم العراقي.

معه استحالت ماجدة الرومي طوق ياسمين يفوح أبداً. فهو ليس من هذا الشارع المزدحم، إنه على قمته يشدو ويلحّن ويعيش فنه كما يراه. قمّة تنجب قمة. وسماء تنظر لسماء، كبير يتعامل مع الكبار.

كاظم الساهر حالة تفتح لها أبواب التاريخ لتدخل وتسكن فيها إلى الأبد، ويقال هذا من زمنه وعلى أيامه. في بدايته رحل باتجاه الدنيا علها تفتح له مكانة، فدخل مدناً أعطاها أكثر مما أعطته. لأن أمثاله يطبع المدن بالفن والمكانة قبل أن تطبعه بما فيها. من مثله يشكل إضافة لكل نغم وثقافة وفن.


من الصعب أن نحصي مسيرته، لكنه عندما قرر أن يعبر الشط صارت كل الشواطئ تغنيه وتغني معه. بين الكويت والأردن وبيروت تنقّل، وفي كل منها زرع نخلة أو وردة أو عشقاً. وصار من الأوائل فأغنيتا «زيديني عشقاً» و«في مدرسة الحب» اللتان جعلتاه يعتبر من أفضل مطربي العرب. مما جعل أغانيه ترقى إلى مستوى العالمية.

وكاظم الساهر هو الفنان العربي الوحيد الذي غنّى في القاعة الملكية في بريطانيا، وهو الفنان الثاني في العالم بعد مادونا الذي حصل على مفتاح مدينة سيدني.

صوته فيه كل شيء من التينور إلى الألتو والسوبرانو. وهذا في عالم الموسيقى معجزة. فهو يستطيع أن يغني كل شيء ويفتح أوتاره من الأعلى نحو أقل منخفض بأوسع انبساط، دون أن تشعر بما يفعله هذا الصوت لكن حتماً ستصاب بالدوار والنشوة وتدخل في أعماق النغم الذي يلف بك رحلة سفر وجمال.

إن سمات الإحساس المرهف والطاقة التعبيرية التي يتمتع بها صوت كاظم الساهر ما كان لها أن تبرز بشكل مميز لولا امتلاكه تكنيك أدائي، يكاد يكون نادراً جداً ولا يتمتع به سوى الأُصلاء من المطربين أمثال صباح فخري ومحمد عبد الوهاب.

24 ألبوماً كلها ممهورة بالذاكرة وتشكل عمر كاظم الساهر الحقيقي الذي قضاه فناً وعطاءً ومحبوه دوماً في حالة الانتظار لكل جديد له. وهو ليس فقط مغني العاشقين بل أيضاً اعطى أغانٍ وطنية كثيرة للبنان والعراق وسوريا وليبيا وفلسطين، ولم يترك وطناً لم يمنحه صوته. وكل هذه الأوطان ردت له الجميل فأحبته ورددت معه كل مقاماته.

كاظم الساهر لو لحن الجريدة ستصبح أغنية تتناقلها الألسن.

يقرأون الآن