TRENDING
خالد شباط في

خالد شباط عرفناه باسل في "كريستال"، إن تقوقع تجمعنا حوله نلم له قطع puzzle ونساعده على جمعها. وإن شرد في الطريق تبعناه وحفظنا خط الرجوع لنرده إلى مكانه. وإن صفع رأسه نمّل جسمنا.

ويوم تألم بكينا ومسّدنا مفرق شعره نمسح له غرته بكل ما حبّينا من عاطفة. مريض الجسد نقي الروح. أخذنا من أعماقنا، تماهينا بدوره حتى صار مشتهى لحبنا. طيبته طبعت بمشاهديه فصار أيقونة البراءة.


لا نعرف من يكون خالد شباط حقيقة، هل هو مهتز الخطى فعلاً عندما يمشي، هل يتهدج بالكلام عندما يحكي. لكننا نعرف أنه جمع في داخله حباً استطاع أن يوزعه على كل من رآه. أحببنا كل ما فيه حتى إعاقته، أحببنا كيف يحب وكيف يثور وأصابنا بألم عندما توجع.

أبدع شباط في هذا الدور الذي جعل منه نجماً خطف القلوب. قدمه في أعلى حرفية ممكنة. أقنعنا أن مرض الجسد مقدور عليه أما مرض النفس فهو المخيف. صدقه رقوة في الشدائد. ونصاعته قادرة أن تغطي على كل الشرور. هو حبل الخلاص عندما تشتد المكائد. هو الصدق عندما يصبح كل المحيط كاذباً.

شباط الذي جمع كل أدواته الروحية وطوعها في شخصية تماهينا بها حتى صار واحداً منا. لم يعد مهماً من يصاب بهذه المتلازمة التي أصابته، فهو خرج منها معافى بقوة الطهر والنبل.

باسل في هذا العمل شقيق وحبيب وصديق. وهو في أذهان مشاهديه أكثر من كل ذلك بات غاية نريده في حياتنا حتى يغسل أفئدتنا بالحب حتى يعطينا مساحة صفح، حتى يسدي لنا تبريراً ويقدم بلا حساب. هو الغفران والعطاء وطاقة التّحمل. هذا المريض هو الجبار الأقوى بفعل قوة الحب. هو القديس الذي لا تشوبه خطيئة ولا تلوثه نجاسة.


خالد شباط أقنعنا فيما قدم حتى بات من الصعب أن نتخلى عن صورته الطيبة. ربما سيلزمه وقت طويل حتى يتقبله الجمهور في أدوار أخرى لا تنم عن هذه الطيبة.

هذه الشخصية الجديدة والغريبة لم نحبها لشكلها أو هندامها أو وسامتها بل لتلك الروح التي تجلّت فيها الرحمة والصدق.

استطاع شباط أن يوصل هذا السلك لأفئدة المشاهدين فعظّموا قدره وأعطوه مثل ما أعطاهم.

عندما بدأ باسل يتعافى من مرضه وصار يكرج في الكلام كنا ننصت له ونشد على أفواهنا كأننا ننطق معه، ونرتجف معه ونشهق قبل أن يتفوه. إلى هذا الحد استطاع أن يكور فينا شخصيته. قتل فينا الخوف ومدنا بذاك الصبر على أن المرض الجسدي أهون من تلك الآفات النفسية التي تحيط بنا من تكبر وتعجرف وخيانة وكيد.

أظهر لنا باسل أن طيف التوحد أهون من أطياف كثيرة في النفس البشرية. هذا هو العزاء وهذه هي الثقافة التي تشرح نفسها لتقدم مثلاً ناصعاً لكل مريض ولكل بيت فيه مثل هذا المريض الذي بإمكانه أن يكون الأفضل والأجمل.

لم يتوقف خالد شباط عند شاطئ معين ليظهر قدراته في التمثيل بل دخل عمقاً جديداً في بحر الأداء. بالأمس أضحكنا كما لا يفعل محترف كوميدي ولا كاتب كاريكاتوري، هذه الطاقة في تدوير الحركة وفي النطق واستعمال المفردات البسيطة التي جعلت منه منجم فرح وإضحاك وهذا أمر استثنائي. فهو يجيد إرضاخ المتفرج له وينقله معه حيث يشاء سواء بالشعور بالحسرة أو الحزن أو الفرح.

باسل شخصية أخرى ناجحة مغمورة بالضوء في عمل ناجح كل ممثل قدم منتهى تفوقه. فتضافر النجاح أطناناً وصارت المتابعة مستحبة.


يقرأون الآن