عرضت مساء أمس الأحد الحلقة الأخيرة من المسلسل التركي "العبقري" (Deha)، من بطولة النجم أراس بولوت إينيملي، وسط نسبة مشاهدة منخفضة جداً، لم ترقَ لحجم التوقعات ولا لمكانة بطل العمل الذي لطالما ارتبط اسمه بالنجاحات الجماهيرية.
وبعد انطلاقة مبشرة في سبتمبر الماضي، وانبهار مبدئي من المشاهدين بقصة العمل وأداء بطله، انتهى المسلسل بشكل مفاجئ وسريع، ما أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتساؤلات جدية حول ما إذا كان هذا أول فشل درامي في مسيرة إينيملي، النجم الذي طالما تصدر نسب المشاهدة في تركيا.
انطلاقة قوية... ونهاية باهتة
عندما عُرضت أولى حلقات "العبقري"، تصدر المسلسل التريند محققاً أرقاماً واعدة في نسب المشاهدة، وتحديداً في فئة ABC1. ولاقى مشهد وداع "ديفران" لشقيقه، أحد أبرز مشاهد العمل، تفاعلاً كبيراً، وُصف حينها بـ"التحفة العاطفية".
لكن هذه الشعلة سرعان ما خبت، وبدأ منحنى المشاهدة بالهبوط تدريجياً، إلى أن وصلت الحلقة الأخيرة إلى أرقام متواضعة لا تليق باسم أراس ولا بحجم الضجة التي رافقت الإعلان عن المسلسل.
أسباب إخفاق مسلسل "العبقري"
1. انسحاب مفاجئ للبطلة
أثار انسحاب الفنانة إحسان إيروغلو، التي جسدت شخصية "أسماء"، جدلاً واسعاً. الانسحاب المفاجئ جاء نتيجة خلافات حول النص وتطورات الشخصية، ما أدى إلى إرباك سير الأحداث وترك فراغاً درامياً لم تستطع الحبكة تجاوزه.
2. مشاكل صحية للبطل
واجه أراس بولوت أزمة صحية أثرت على استقرار التصوير، تلتها إصابة خطيرة في كاحله أثناء أحد مشاهد الأكشن، خضع على إثرها لعملية جراحية، مما عطّل الإنتاج وأجبر الفريق على تعديلات كثيرة في الجدول والنص.
3. الرقابة والأزمات الخارجية
تعرض المسلسل لموجة من الانتقادات من قبل هيئة الرقابة الإعلامية التركية (RTÜK) بسبب محتوى بعض المشاهد التي اعتُبرت تحريضية. كما أثار مشهد في إحدى الحلقات غضب الجالية الأوكرانية، ما تطلب اعتذاراً علنياً من الشركة المنتجة، وهو ما أضر بسمعة العمل محلياً ودولياً.
مقارنة صارخة: "العبقري" مقابل "الحفرة" و"في الداخل"
لا يمكن الحديث عن "العبقري" دون مقارنته بالأعمال السابقة لأراس بولوت، وعلى رأسها مسلسلا "الحفرة" و"في الداخل"، اللذان شكّلا محطات ذهبية في مسيرته. ففي حين استمر "الحفرة" لأربعة مواسم متتالية، وحقق نسب مشاهدة قياسية وتقديراً نقدياً، لم يصمد "العبقري" حتى نهاية موسمه الأول.
الفارق ليس في الأداء فقط، بل في النص، والإخراج، والتخطيط العام للعمل. بدا واضحاً أن "العبقري" لم يُبنَ على أسس درامية محكمة، بل وقع في فخ الحماس اللحظي والترويج المبالغ فيه، دون بنية درامية مستدامة.
فشل أم تجربة لم تكتمل؟
يبقى السؤال الأهم: هل فشل "العبقري" فعلاً؟
من ناحية الأرقام، نعم. نسب المشاهدة المتدنية ونهاية العمل مبكراً، كلها مؤشرات على عدم النجاح الجماهيري. لكن في الوقت نفسه، قد يرى البعض أن المسلسل واجه ظروفاً قاهرة أثّرت عليه، بدءاً من انسحاب البطلة، مروراً بإصابة البطل، وصولاً إلى الأزمات الرقابية.
ما هو مؤكد أن "العبقري" لم يرتقِ لمستوى توقعات الجمهور أو المعايير التي اعتادها عشّاق أراس بولوت، ما يضع العمل في خانة أقل إنتاجات النجم نجاحاً منذ بداياته.
انتهى "العبقري" بصمت، وسط خيبة أمل واضحة في الوسط الفني والجمهور التركي والعربي على حد سواء. ومع أن إخفاقه لا ينفي موهبة أراس بولوت ولا يهدد مكانته، إلا أنه يشكّل بلا شك درساً قاسياً لصنّاع الدراما حول أهمية الاستقرار الإنتاجي، قوة النص، وتماسك فريق العمل.
ويبقى الأمل معقوداً على عودة نجم "الحفرة" بعمل جديد يعيد إليه بريقه المعتاد، ويبرهن أن "العبقري" لم يكن سوى استراحة غير موفقة في مسيرة ذهبية.