عندما قررت الجهة المنتجة تعريب المسلسل التركي الشهير "إيزل" إلى النسخة العربية "آسر"، لم يكن تغيير أسماء الشخصيات هو التعديل الجذري الوحيد، بل طال التحوير قلب الحكاية الزمان والمكان.
فبينما دارت أحداث النسخة التركية بين إسطنبول وقبرص، اختارت النسخة العربية أن تتموضع بين دمشق وبيروت. ولكن هل نجحت فعلاً في تحقيق توازن عادل بين هذين المكانين؟
دمشق: مجرد "خلفية" لسجن؟
من المؤسف أن نرى دمشق، في النسخة المعربة، محصورة بمشاهد السجن فقط. المدينة التي كان من المفترض أن تمثل الماضي الأصيل لشخصية "مجد"، لم تُمنح أي دور فعلي في بقية القصة. ومع غيابها التدريجي، تم نقل كل ما كان يُفترض حدوثه بين قبرص وإسطنبول إلى بيروت، بشكل شبه قسري.
بيروت... تستحوذ على كل شيء
بيروت تحوّلت إلى المسرح الوحيد للأحداث بعد الخروج من السجن. ومن أجل إقناع المشاهد بهذا "النقل"، لجأت الحبكة إلى تبريرات درامية مفتعلة مثل دفن "مجد" في بيروت بدلًا من دمشق حيث نقلت الأسرة رفاته بعد انتقالها إلى لبنان، إذ أن عائلة مجد غيرت بيتها واستقرت هناك.
والده أغلق منجرته الأصلية وفتح واحدة جديدة في بيروت.
وحتى صاحب المقهى الذي كان يُمثّل ذاكرة المكان أصبح يملك فرعًا في بيروت.
كما أن ابن الحارس الذي قتل في الجريمة التي تحمّل وزرها مجد، وضع في ميتم في بيروت وليس في دمشق.
شرخ درامي يُفقد القصة عمقها
القصة الأصلية كانت تتمحور حول عودة "إيزل" (أو آسر في النسخة المعربة) لمواجهة ماضيه بكل ما يحمله من وجع، خيانة، وحب. جزء أساسي من هذه المواجهة كان مرتبطًا بالمكان الذكريات، الشوارع، الأصوات، وحتى رائحة الخشب في منجرة والده.
لكن عندما تُستبدل هذه الأماكن، لا تعود المواجهة حقيقية، بل تصبح مصطنعة. كيف يمكن للإنسان أن يواجه ماضيه إذا لم يعد ذلك الماضي موجودًا حرفيًا؟
الاستغناء عن دمشق كموقع رئيسي لم يكن مجرد "تفصيل إنتاجي"، بل قرار أثّر فعليًا على جوهر القصة التي فقدت كثيرًا من جوهر الحكاية الأصلية. فالمكان ليس مجرد خلفية، بل شخصية قائمة بذاتها، وعندما يتم استبعاده، يخسر العمل الكثير من روحه.