تقفز الممثلة باميلا الكيك دفعة واحدة للتربّع على سفح القمة في "كريستال"، العمل الذي وضعت فيه ثلاثينيات جمالها وإبداعها. تلبس كل أثوابها وتبرق كعارضة توشم الذاكرة في مرورها السريع، لمشاهد جعلت الـ "كريستال" أكثر لمعاناً.
وكأنها تقول "أنا المولودة من جديد. لا يضاهيني أحد، أعرف كيف ألوي عنقي دون أن أكسره، وأعود متسلطةً كجبّار لا يأبه، أبكي وأعيش المرارة، ثم أرتفع كماردٍ وأمارس سطوتي ولا من رادعٍ، سوى أنني ابنة الكار حيث تطأ قدماي أبرع وحين أتأنق تلوى لي الأعناق."
"عليا" الإسم الذي أسرنا وهي تخطّ حركتها في دور العمر. أقنعتنا الكيك أنها قادرة على حمل تسعين حلقة والشغف يلفّها. في كل مرّة نقول إنّ نارها ستخبو وزلة ما ستصيبها وسيلوى كاحلها عند هذا التحدّي، وإذ بقامتها تشرئب أكثر وترفع قدمها للسير في حقولها المتلوّنة، ونحن معها نشهد على جمال الأداء.
تعيش عليا الحب والخذلان، وتعيش الثراء وفقر الأمان، والإحساس بالذنب من حادثة كانت سبباً في إعاقة شقيقها. "نمرودة" وحنونة. كريمة وخسيسة لكنها جميلة على طول الخط.
ميزتها أنها تعطي الجرعة الموزونة في الأداء. تنحت حركتها لتشكّل شخصية فيها خدر الكمال، فلا يشبع المشاهد من مرورها ولا هي تغمره بثقل حضورها.
خفيفة كريشةٍ، وممنوع ألا نلحظ خفتها. فهي تبتكر لصوتها صوتاً، ولمشيتها أقداماً، ولأكتافها زوايا جديدة. هي هنا لتنسينا الماضي الملتصق بها سواء حازت عليه بجوائز أو تكريم لتقول فصلاً جديداً في مسيرتها.
وإن كان المجد يبنى طوبةً طوبة، فهي على رأس القبة لعمرٍ مهني يكاد يساوي عمرها، أكثر من ثلاثين عملٍ بين مسلسل وفيلم، استطاعت أن تتقشر وترينا اللب والنجاح، لكن الزبدة ظهرت ومذاقها في الأفواه يُنسي كل المذاقات الأخرى .
وعلى طريقة الجمال الخالص بين أزياءٍ وطلّةٍ وترفٍ وعطرٍ، نكاد نتحسّسه عبر زجاج الشاشة، لكنّه ليس منفراً او غداراً، إنّه الجمال الذي يسافر بك نحو النسيان، نسيان كل ما هو بشعٌ وكل ما هو زيفٌ. الجمال الطبيعي الخال من نفخ السيليكون وتجاويف الحقن، جمال يذّكر بنساء الأمس عندما تكون الوجوه مغسولة الا من نعمة ربها.
فضل عليا كبير على باميلا، وفضلهما معاً كبير علينا. نحن من ننتظر مرور الوقت حتى نتغرغر بنكهة النعناع وجمال "كريستال".