TRENDING

"بلا ولا أي كلام" لماجدة الرومي: لؤلؤة في عقدها الثمين

في "بلا ولا أيّ كلام"، ترتفع وتريات آلة القانون، تعزف بأنامل تنقر على سكينة القلب، ويأتي صوت ماجدة الرومي مترنّحًا فوق وهاد الذكريات. تغني الحنين بتنهدٍ في الصوت، والموسيقى الهادئة غطاءٌ لحنٍ يضمّ الروح التائهة.


بين جبالٍ وسهولٍ وامتداد بقاعٍ أخضر، شدت ماجدة أغنية العاطفة الساكنة. وحدها الطبيعة قادرة على سماع القلب حين يُكَلَّم، وحدها الأشجار تحفظ اللقاء، والخيول تصهل في سهولها غير قادرة على استرجاع ما فات.

اختارت ماجدة أحد أجمل الأماكن، بلدة عميق البقاعية، لتصوّر وتجسّد مشاعرها. وهل هناك سحر أبقى من سهلٍ أخضر نائمٍ بين الجبال والسماء، ليقول ما نخفيه في طيّات القلب؟

من أول وتر، من أول حرف، من أول مشهد، أمسكت ماجدة القلب وغنّت للرحيل، للحنين، للحب. غنّت دون انكسار. اختارت الطبيعة عزاءً، فضمّت الفرس، وأطعمت الوزّ، وجلست تتنفّس عطر الهواء ومجد الجمال حولها، على بساط أخضر.

كأنها تقول: خيمة الله الزرقاء، وقامات الشجر، وربيع الأرض، وخيل الأصالة، أبقى من وعد إنسانٍ غدّار، وأنقى من حبٍّ رحل بلا أيّ سلام، ولا أيّ كلام.


ما زالت ماجدة تعلّمنا الحلم والصبر، بصوت السوبرانو الآسر، من "عم بحلمك يا حلم يا لبنان"، مرورًا بـ"كلمات"، وصولًا إلى "بلا ولا أي كلام"، قاطعة عقودًا في مواكب الفن الراقي.

أتت إلينا ماجدة في "بلا ولا أيّ كلام" بسيطة، متجرّدة من أيّ تكلّف، فتية كفجر المحبّين، تحمل صوتها وتغنّي للعاشقين الذين طعنهم الحب، لكن دون أن يهزمهم. في صوتها ذاك الفرح، وفي حضورها صورة التفاؤل، وهي تمشي وسط الكروم والمروج، تدعونا للمشي معها. فقطعان الحظائر أبقى من حبيبٍ خائن، وصهيل الخيل يروّض الروح المشتاقة، وامتداد الجمال يعوّض عن غدرٍ لم يكن في الحسبان.

هذه الأغنية الرومانسية الرقيقة، المشبوكة بكلامٍ كبيرٍ وبسيط، ولحنٍ يتهادى كنسمة، يلفح الأذن بنعومته، ويمتلكنا صوت الماجدة وهي تردّد نكسات العاشقين بحنوّها ودفئها. ناظمةً كلمات من قلب التجربة، من خبرة العمر، ومدّتها بصوت فيه طَعم الأثير. كلمات تُشبه حديثها الذي نعرفه جيدًا: قليلٌ ومليء، بسيطٌ وحامل، رقيقٌ ومشعّ كنجم.

أغنية "بلا ولا أي كلام": كلمات ماجدة الرومي، لحن يحيى الحسن، توزيع حسان الحسن، إخراج رامي أبو منصف.


يقرأون الآن