ماذا فعلت كارول سماحة في بيروت هول؟
دخلت بقامة من بريق، سحرتنا ، غنت لنا ،هدهدتنا ،أطربتنا ، لوت قلوبنا ،مسحت عقولنا نطفت أسماعنا ، لوتنا ثم هبت فينا فنهضنا .
حضرت كارول في موعدها لم تترك الجمهور وحيداً، يتسمر على الكراسي البلاستيكية والصفوف مرصوصة والأنفاس تعانقبعضها من اكتمال الحشد ورص القاعة المليئة بمحبيها.
جاءت براقة باللون الذهبي قامة ممشوقة من سبائك لماعة امتشقت صوتها في لحظة دخولها المسرح، أطلقت عنان حنجرتها فصار المكان غناء.
الصوت المحلق
لا تشعر مع كارول بأنها تغني للجميع بل كأنها تغني لك وحدك وانت تميل على أكتاف من هو بقربك، قادرة أن تبحر بكل شخص نحو فضاءاتها الرحبة تطيّره تسكنه العواصف ثم ترده إلى نسائم رقتها وتحلق فيه فوق أذرعها وتزرعه في صوت محلق يخرج من الأرض ويصل إلى السماء.
كارول ليست فنانة عادية وليس لها شبيه، فنانة معجونة بياقوت الصوت وتبر الحضور وعاج القامة فعندما تحضر تمتص كل ما فيك، تخدرك فتنساق نحوها مشلولاً، تغني للفراق للقاء للحب للوطن ،هي تعجن لنا ذائقتنا ونحن نتشكل معها.
المسارح الكبرى تليق بها
كان المكان ضيقاً عليها، تحتاج كارول بصوتها وحضورها مكان أكبر وأرحب مكان يتسع لفنانة صوتها رياح وأشرعة لا تهدأ وحضورها كاكتساح قادر أن يصل أخر الكون. لا صوت كصوتها ولا سطوة تضاهي جاذبيتها. تحتاج كارول لأكبر المسارح حتى يحتوي طاقاتها ومكانتها وأسلوبها.
غنت من قديمها وجديدها وقالت انها صمدت وتخطت أوجاعها واستطاعت العودة للفن بسبب ابنتها والناس الذين أحبوها. لكن عندما تسمع كارول تشعر بأن الهزائم لا تليق بها، كل الحياة مكتنزة في داخلها.
نسيت حالها هون ... ?@CAROLE_SAMAHA #كارول_سماحه pic.twitter.com/71WNWTsZSa
— maria ?? (@MariaAndary1) July 19, 2025
الصوت الناهض
صوت ينهض بسامعيه نحو مرابض الأمان، قوة تستحق أن تلاقي بها الصباحات حتى تنهض، آسرة كملكة قادرة أن تضمد متاعب سامعيها فتحملهم في صوتها نحو شطآن الأمان. حنجرة مدرعة بوهج ماسي عندما تصدح تتسمر فيختلط البصر بالبصيرة وتصبح مرشدتك نحو أحلامك المنسية واعماقك التائهة وتعطيك إجابات عن أسئلة مستعصية.
ليلة كارول ليلة من صوت وسحر، صوت لا يتعب بل يتجوهر بعد ساعة ونصف من الغناء جعلت القاعة وقوفاً الكل هبّ تحت قبة حنجرتها هي تغني والجمع يميل على نوتاتها ويخيم تحت ظلالها.
الصوت الذي أسكت الآلات الموسيقية ولحن ورنم الآه لدقائق حتى أصاب الخدر الجميع، فعندما سكرنا وذبنا وتسمرنا في تيهنا امتشقتنا من سهونا ونفخت فينا لحن النهوض فرقصنا وهزجنا وتركتنا في عز صحوتنا وغادرت كملهمة تجيد صنع الامزجة.
تاركة خلفها نفوسنا الهائمة في فضاءات التجلي، علمتنا الفرح وانسحبت. اعطتنا فكرة عن مجد الصوت وتركتنا نقيم من يدّعون الفن. كارول فنانة سترث ما لم يكن في الحسبان فهي جديرة بأن يكتب اسمها في قواميس الفن الخالدة.