لم يعد الأمر مجرّد شائعات ضدّ الممثلة وفاء عامر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل ثمّة حملة منظّمة تتهمها بأنّها على علاقة بشبكة لتجارة الأعضاء، في مزاعم تفتقر إلى أي دليل قانوني أو وقائع مثبتة. ومع أن هذه الادعاءات نُفيت بشكل واسع، فإن انتشارها السريع أعاد تسليط الضوء على اختيارات الفنانة في السنوات الأخيرة، والتي يرى كثيرون أنها تسببت لها في أزمات لا تستحقها.
الخطأ الحقيقي: سوء التقدير
الجريمة التي تواجهها وفاء عامر الآن – إن صحت تسميتها كذلك – لا علاقة لها بالشبكات أو الجرائم المنظمة، بل هي جريمة من نوع مختلف: جريمة في حق نفسها، نتيجة سوء التقدير واختيارات غير محسوبة دفعت ثمنها من حياتها الشخصية والفنية.
من الدعم إلى الانخراط الكامل
في لحظة اندفاع عاطفي، انطلقت الفنانة بدافع "دعم البسطاء" – مع التأكيد أنهم ليسوا دائمًا غلابة – فراحت تفتح أبواب بيتها لأشخاص لا تعرف خلفياتهم سوى عدد متابعيهم على تطبيقات التواصل. قدمت لهم الدعم، وهم استغلوا شهرتها، وثقة جمهورها، ليشاركوا معها الأضواء.
لكن الأمر لم يتوقف عند الدعم؛ بل تعداه إلى التعايش والانخراط الكامل، حتى ظهرت في لايفات من مطبخها، وغرفتها، وسيارتها، ومع ابنها والعاملات في منزلها. الكاميرا لم تفارقها، ورافقتها في الأفراح والعزاءات، في العيادات والمناسبات وحتى في الخلافات الشخصية.
الشهرة لا تحتاج إلى كاميرا لايف
من الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها وفاء عامر، ظنها أن حب الناس يُبنى بالمشاركة المفرطة، متناسية أن الخير يُصنع في الخفاء، والمحبة لا تحتاج إلى "شير ولايف"، وأن الفنان يعلو عن هذه التفاصيل التي تُستنزف فيها هيبته تدريجي.
النوايا الطيبة لا تكفي دائمًا
ورغم كل ما سبق، لا أحد يمكنه إنكار نوايا وفاء عامر الطيبة، التي طالما دعمت سيدات يعملن من منازلهن، ووقفت إلى جانب البدايات البسيطة، مستذكرة كيف بدأت حياتها الفنية من الصفر، وهو ما يُحسب لها لا عليها.
لكن الخلل حصل عندما اختلط الدعم بالتماهي، حتى خرجت على الجمهور بعباءات سوداء وأزياء شعبية غير معتادة، وكأنها تخلت عن صورتها كفنانة، لتتحول تدريجيا إلى نسخة من جمهورها الجديد.
الصحبة ليست دائمًا صالحة
لم تُحسن الفنانة اختيار دوائرها، واعتبرت أن الانخراط في حياة من وصفتهم بـ"البسطاء" لا يضر، متجاهلة أن مكانتها الاجتماعية والأسَرية تتطلب معايير أمان، لا علاقة لها بالتكبر الطبقي، بل بحماية الذات وسط عالم أصبح من السهل فيه خلط الوجوه والأقنعة.
الفنان ليس "تيكتوكر"
أحد أهم الدروس التي ربما لم تدركها وفاء عامر بعد، هو أن الفنان ليس تيكتوكر. الفجوة بين الفنان الحقيقي وصانع المحتوى اللحظي واسعة جداً، وكل تيكتوكر يسعى – ولو دون اعتراف – إلى الوصول لنجومية فنان. لكن العكس ليس صحيحًا. نزول الفنان من عليائه إلى هذا المستوى قد يُفقده بريقه، ويخضعه لقوانين الغوغاء: من يرفعك اليوم على الأكتاف، قد يقذفك غدًا بالحجارة، فقط لأن أحدهم قال "بَسّك عليه".
في النهاية ما تمرّ به وفاء عامر ليس أزمة "تورط في جريمة"، بل نتيجة طبيعية لاختيارات خاطئة، دفعت بها إلى أماكن لا تشبهها، ومع أشخاص لا يشبهونها، وبأساليب لا تليق بفنانة وصلت إلى مكانتها بعد جهد وكفاح. الفرصة ما زالت متاحة لتصحيح المسار، لكن ذلك يبدأ من الاعتراف بأن النية وحدها لا تكفي، والتقدير السليم أهم من أضواء اللحظة.